وكما ذكرنا فإنّ المستفاد من الآية «إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَومٍ عابِدِينَ» أنّ الهدف النهائي للصالحين ليس الحكومة، بل هي وسيلة لبلوغ ذلك الهدف، أي تكامل الإنسان في كافة الجوانب، لأن البلاغ ما يبلغهم هدفهم.
الاستخلاف في الأرض:
2- نقرأ في الآية 55 من سورة النور:
«وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَايُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ».
فقد تضمنت الآية ثلاثة وعود صريحة للذين آمنوا وعملوا الصالحات.
ونعلم أنّ لكلّ وعد ثلاثة أركان:
الذي يعد هنا هو اللَّه، والموعود «الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات» أي المؤمنين الصالحين. والمواد الواردة في الوعود الثلاثة هي:
1- الاستخلاف في الأرض، أي حكومة الحقّ والعدل.
2- تمكين الدين، أي نفوذ المعنويات وحكومة القوانين الشرعية في كافة جوانب الحياة.
3- تبديل الخوف بالأمن؛ إزالة كافة عناصر الخوف وعدم الأمن واستبدالها بالأمن التام والاستقرار الكامل.
والمراد من «تمكين الدين» كما يفهم من سائر استعمالات هذه المفردة رسوخ التعاليم الدينية في جميع شؤون الحياة، لا من قبيل ألفاظ السلام