فإن أكل بعض الهدية ثمّ إطعام اليتيمة بعد ذلك يكون مصلحة لها غالباً كما لا
يخفى، و لكنه مجرّد سؤال و قيد من جانب الراوي لا بيان شرط من ناحية الإمام (عليه
السلام) بخلاف الحديث السابق.
3- و مثله ما رواه العياشي عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال
قلت له: يكون لليتيم عندي الشيء و هو في حجري أنفق عليه منه، و ربّما أصيب
(أصبت) ممّا يكون له من الطعام، و ما يكون مني إليه أكثر: قال: لا بأس بذلك
و هنا أيضاً ذكر نفعة اليتيم في سؤال الراوي لا كلام الإمام (عليه السلام)
فتدبّر جيّداً.
أضف إلى ذلك قوله تعالى (وَ لا
تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)*[2]. و قد ذكر فيها
احتمالات كثيرة في معنى «القرب» و «الأحسن» و لكن الإنصاف أن الظاهر من قوله
تعالى (وَ لا تَقْرَبُوا)* عدم التصرّف فيه بشيء من التصرّفات، و يلحق به ترك التصرّف أيضاً أحياناً
إذا كان فيه ملاكه كما إذا كان إبقاؤه موجباً لفساده، و المراد «بالأحسن» كلما هو
أصلح لليتيم و لأمواله، و حيث إن الالتزام بالأصلح من بين جميع التصرّفات، لعلّه
مخالف للسيرة القطعية، فالمراد به «الحسن» كما فسره به في «المجمع».
و على كلّ حال يظهر منها لزوم رعاية المصلحة، فلا يكفي مجرّد عدم المفسدة، و
يظهر منها و من الأخبار أيضاً جواز الاتجار بمال اليتيم للولي أي شخص كان،
لإطلاقها و إطلاق بعض الأخبار أو صريحها، و إن كان مخالفاً لمقتضى الأصل، و لا
مانع منه بعد وجود الدليل.
بقي هنا أمور:
1- كثيراً ما يكون ترك الاتجار بمال اليتيم سبباً لفساده