صحيحاً جاز فعله حتّى بالنسبة إلى الغير، لإحراز الواقع هنا بالعلم فتأمّل.
ثانياً- سلمنا لكنّه مخالف لظاهر روايات الباب فإن ظاهرها اعتبار العدالة أو
الوثاقة بعنوان شرط للصحّة واقعاً كاعتبارها في صحّة الطلاق و صلاة الجماعة، فإن
قوله في موثقة سماعة
«إذا قام عدل في ذلك»
، لا سيّما بعد قوله
«إذا رضي الورثة»
(أي الكبار منهم) ظاهر في اعتبار
العدالة واقعاً كاعتبار رضي الكبار، و كذا قوله في صحيحة ابن بزيع
«إذا كان القيّم به مثلك و مثل عبد
الحميد فلا بأس»
(بناءً على ظهوره في العدالة أو
الوثاقة) فحملها على الطريقية بالنسبة إلى الغير غير واضح.
ثالثاً- أن الأصل في المسألة كما عرفت عدم ولاية أحد، على أحد فإثباتها في حقّ
الفاسق يحتاج إلى دليل، و قد عرفت أن عمومات الإحسان، و حفظ أموال اليتامى، ليست
في مقام البيان من هذه الجهة، و هي مثل أدلّة وجوب إجراء الحدّ على الزاني و
السارق في قوله تعالى (الزَّانِيَةُ وَ
الزَّانِي فَاجْلِدُوا.) و (السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما).
و إن شئت قلت: هناك أمور يكون أمرها بيد سلطان الناس و حاكمهم في جميع الأمم:
و الإسلام قد أمضاها، و لكن جعلها بيد سلطان عادل منها: إجراء الحدود، و إحقاق
الحقوق، و حفظ أموال الغيّب و القصّر، و ليست هذه الأمور من قبيل الإحسان المطلق،
و الإنفاق في سبيل الله و التعاون على البرّ و التقوى، فالأدلّة الدالّة على هذه
الأمور و إن كانت مطلقة و لكنها في الواقع ناظرة إلى العمل بها من ناحية من إليها
الحكم، و ليست في مقام بيان من يكون له الحكم في هذه الأمور بل لها أدلّة أخرى
ناظرة إليها.
و من هنا يعلم أن ما يظهر من كلمات شيخنا الأعظم في قوله: «الظاهر أنه (أي
جواز تصرّف عدول المؤمنين) على وجه التكليف. لا على وجه النيابة من حاكم، فضلًا عن
كونه على وجه النصب من الإمام (عليه السلام): ثمّ فرع عليه جواز المزاحمة في هذه