لا ترتبط بالضرورة أو العسر و الحرج، قد عرفت الإشارة إلى شطر منها، مثل
التقية التحبيبية و أمر الوالد و النذر و القسم و غيرها.
3- دور العناوين الثّانوية في حياة الفقه الإسلامي و ازدهاره
هناك أصلان يعدان من الأصول المسلّمة في الإسلام: أبدية الإسلام و عالميته،
فالإسلام لا ينحصر بزمان، دون زمان و بمكان دون مكان، و لا قوم دون قوم، بل يجري
مجرى الشمس و القمر، مدى الدهور و الأعصار، و في مختلف أنحاء العالم، يضيء و يشرق
على الجميع إلى آخر الدنيا و في جميع الأقطار.
يدلّ عليهما ما ورد في القرآن من التعبير بقوله تعالى: «يا أَيُّهَا النَّاسُ*، و يا بَنِي آدَمَ*، و يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا*، و يا
أَيُّهَا الْإِنْسانُ*، و يا عِبادِيَ*» في آيات كثيرة
تدلّ على أن المخاطب بها جميع البشر من زمان نزولها إلى آخر الدنيا، و في كلّ مكان
من الأمكنة، و كلّ بقعة من بقاع الأرض.
و يدلّ على الثّاني بالخصوص آية الخاتمية (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَ لكِنْ
رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ) و غير
ذلك ممّا ورد في القرآن الكريم من قوله تعالى (وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) و شبهه.
و في السنّة روايات كثيرة لسنا بصدد ذكرها الآن، و قد صار هذان الأصلان من
الواضحات يعرفه كلّ من له إلمام بالإسلام.
ثمّ إذا كان الإسلام ديناً عالمياً أبدياً لنوع البشر، مع أن المجتمعات لا
تزال في تطور و تغيير، و لا تزال حوائجهم تختلف و تزداد و تتنوع و تتشعب، مع كون
قوانين الإسلام ثابتة مؤيدة، يُتسائل أنه كيف ينطبق ذاك الأمر المتغير دائماً، على
هذه القوانين الثابتة دائماً؟ و هل يمكن الجمع بينهما؟ مع أنّا نرى القوانين في
المجتمعات الإنسانية- مرادنا القوانين التي وضعتها أيدي البشر- تتغير دائماً كي