و اعتمادهم على الحكومة، و دفع وساوس الشياطين الذين يعاندون الحكومة
الإسلامية و غير ذلك من الأمور، و لكن أين هذا من وجوب الانتخاب شرعاً في أحكامه
الأولية، و هذا أمر ظاهر و الحمد لله.
موقف البيعة من أمر الولاية
الثّاني: أ و ليست البيعة الواردة ذكرها في الكتاب و السنة بمعنى انتخاب
الأمّة أحداً للرئاسة و الزعامة؟ فهل تنطبق على مسألة الانتخاب المُعتاد في عصرنا
أو هو أمر آخر وراءه؟
و الجواب على هذا السؤال يحتاج إلى شرح حقيقة البيعة و مغزاها، ثمّ بيان
أحكامها.
فنقول: إن البيعة مأخوذة من البيع، كما صرّح به أرباب اللغة، فكما أن البائع
يبيع سلعته من آخر، فالذي يبائع، يبيع طاعته لغيره و يبذلها له، و في مقابله يتعهد
هو له بذل النصح و الحماية و تدبير أمره، و لذا يقال «المبايعة» من باب المفاعلة.
و بناءً عليه هي من قبيل العقود المشتملة على الإيجاب و القبول، و يمكن أن
يقال هي كالإيقاعات في كثير من الأوقات، لأن العهد و الالتزام بالطاعة و بذل
الأموال و الأنفس يكون من طريق واحد فتأمل (فراجع لسان العرب و الصحاح و المفردات
و غيرها).
و التصافق بالأيدي فيها كالتصافق بها في البيوع و المعاملات المتداولة، هذا هو
حقيقتها.
و يستفاد من الروايات و التواريخ أنه كان لها مراتب مختلفة، فتارة البيعة على
عدم الفرار، و أخرى على المال و الولد، و ثالثة على بذل الأنفس، فإذا أعطى شيئاً
من ذلك لولي الأمر لا بدّ له من الوفاء به، بناءً على شمول أدلّة الوفاء بالعقد أو
العهد، أو المؤمنون عند شروطهم، لها.