بسط اليد و
البذل، لا إلقاء النعم الإلهية في المزابل أو دفنها و إحراقها.
و رابعاً:
أضف إلى ذلك كلّه أنّ محل الكلام هو من مصاديق التبذير لا الإسراف، فإنّ الفرق
بينهما- كما مرّ- أنّ الإسراف هو الخروج عن حدّ الاعتدال من دون تضييع، و التبذير
ما يؤدي إلى التضييع و الإفساد.
النّسبة
بين حكم الأضحية و حرمة الإسراف و التّبذير
إذا عرفت
هذا، فيأتي الكلام في أنّه ما هي النسبة بين الدليلين: دليل وجوب الأضحية، و دليل
حرمة التبذير أو الإسراف؟
فإن قلنا:
إنّ دليل وجوب الأضحية لا إطلاق له بالنسبة إلى المصاديق الفعلية ممّا تدفن أو
تحرق فتتلف- كما هو الحق- فلا كلام و لا إشكال. و إن قلنا: له إطلاق يشمل ما نحن
فيه، فإن كانا من قبيل المتعارضين كانت النسبة بينهما العموم و الخصوص من وجه، و
اللازم تقديم عمومات الإسراف؛ لأنّها أقوى دلالة على المطلوب، فإنّ الأضحية في
يومنا هذا من أظهر مصاديقه، و أمّا أدلّة الأضحية فإطلاقها أضعف منها بالنسبة إلى
ما نحن فيه؛ لأنّه من أخفى مصاديقه.
سلّمنا
أنّهما متساويان من حيث القوّة و الضعف و الظهور و الخفاء، و لكنّ اللازم حينئذ
التساقط في محلّ الاجتماع، فيرجع إلى الأصول العملية، و الأصل العملي في المقام هو
البراءة، لأنّه من قبيل الأقل و الأكثر الارتباطيين، و المعروف بين المعاصرين و
القريبين من عصرنا إجراء البراءة فيه، و هو الأقوى، فيسقط الأمر بالأضحية هنا، و
إن كان الاحتياط فعلها في محلّ آخر لا يحصل من الأضحية فيه الإسراف و التبذير.
هذا كلّه إذا
قلنا إنّهما يتعارضان، و إن قلنا إنّ هذين من قبيل المتزاحمين، و أنّ