أكثر، فهل
يرضى الشّارع الحكيم بمثل هذا الإسراف الفاحش؟! و ما الدليل على خروجه عن محكمات
الآيات و الروايات الواردة في حرمة الإسراف و التبذير حتّى في النواة و فضل ماء
الشرب؟
فإن قيل: لا
إشكال في ذلك إذا كان في طريق إطاعة أمر الله.
قلنا: هذه
مصادرة على المطلوب، فإنّ تعلّق الأمر به ممنوع جدّاً، كما عرفت فيما سبق، مع أنّ
كونه من المصاديق العرفية للإسراف و التّبذير ممّا لا ريب فيه، فتشمله إطلاقاتهما
حتماً.
و الخلاصة:
أنّ قوة إطلاقات أدلة الإسراف و التبذير و استحكامها تكون إلى حدّ تحوي في دائرتها
أخسّ الأشياء فضلا عن تضييع المئات و الآلاف من نعم الله تعالى.
شبهة عدم
الإسراف في الحجّ
فإن قيل: قد
ورد في بعض الرّوايات أنّه لا إسراف في الحج، و هو ما رواه ابن أبي يعفور في
الصحيحة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)
«ما من نفقة أحبّ إلى الله عزّ و جل من نفقة
قصد، و يبغض الإسراف إلّا في الحج و العمرة، فرحم الله مؤمناً اكتسب طيّباً و أنفق
من قصد أو قدّم فضلا»
قلنا: لا شكّ
في أنّ المستفاد من مثل هذه الرواية ليس هو تضييع المال بطرحه أو إحراقه أو دفنه
أو تهيئة طعام خمسين شخصاً مثلا لعشرة أشخاص بحيث يطرح الزائد و يفسد و لو كان في
الحجّ، بل الظاهر منها بسط اليد في الإنفاق ببذل الزاد و تهيئة الهدايا للأقرباء و
الأصدقاء؛ و الشاهد على ذلك:
أوّلا: نفس
ما ورد في الرواية من تقابل الإسراف و القصد في النفقة، فإنّه شاهد