و يعلم بعدم
إطعام المساكين منها، بل تحرق أو تدفن، خصوصاً بعد ملاحظة ما مرّ من قول رسول الله
(صلى الله عليه و آله)
«إنّما جعل الله هذا الأضحى لتشبع مساكينكم من
اللحم فأطعموهم»
[1] فالرسول الذي ينطق بمثل هذا
البيان كيف يأمر 8 أمّته بإهراق دماء الأضاحي و لو لم يترتب عليه الإشباع و
الإطعام.
و بما ذكرنا
يظهر الجواب عن التمسك بروايات تعبّر عن الهدي بالدّم، فإنّ «الدّم» أو «إهراق
الدّم» (نظير ما ورد في قوله (صلى الله عليه و آله)
«ما أنفق الناس نفقة أعظم من دم يهراق في هذا
اليوم»
[2] و قول الصادق (عليه السلام)
في رجلين اقتتلا و هما محرمان
«على كلّ واحد منهما دم»)
[3] كناية عن الهدي و عظمته، لا على عظمة إراقة الدّم و لو بلغ ما بلغ،
فإنّه نظير ما إذا قلنا في محاورتنا اليومية لمن نجا ولده من خطر السقوط و الموت
مثلا، أو نجا هو و أهل بيته من حادثة سيّارة في الطريق: «عليه إهراق الدم»، فمن
الواضح أنّه كناية عن إطعام المساكين من لحمها في سبيل الله، لا مجرّد إهراق الدّم
مطلقاً و إن لم يصرف من لحمها في سبيل الله.
قياس الهدي
بالطواف و السعي
إن قيل: هل
وجدتم في لسان الروايات مورداً أمر الشارع فيه بإيقاع الهدي خارج منى؟ أ ليس هذا
من قبيل الإتيان بالطواف أو السعي في غير مكّة؟
قلنا: توجد
موارد عديدة في روايات الباب توجب إيقاع الهدي خارج منى، فليس الهدي كالطواف و
السعي القائمين بمكان معيّن:
[1] الوسائل: الباب 60 من أبواب الذبح، حديث 4 و
10.