قلنا: لازم
هذا الاستنباط عدم لزوم إراقة الدم، و عدم وجوب الأضحية أيضاً (لأنّها تقول
(لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَ لا دِماؤُها)) و هو خلاف
المطلوب، فالصحيح أن يقال: إن المقصود في الآية الشريفة أنّ قيمة إراقة الدم و صرف
المضحّي لحومها لنفسه و لغيره، إنّما هي في ما إذا كانت الأضحية ملازمة لقصد
القربة و خلوص النيّة، فهو نظير ما إذا قلنا: إنّ قيامكم أو قعودكم في الصلاة ليس
بمهمّ، إنّما المهم هو إخلاص النية و قصد التقرب إلى الله تعالى. و نظير الآية
المزبورة (أي قوله (وَ الْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ.))
في الدلالة على لزوم الصرف و موضوعية الاستفادة من اللحوم آية أخرى من سورة الحج و
هي (وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ.
لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ
مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَ
أَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ.)[1] حيث إنّه لو
سلمنا أنّ صيغة «فَكُلُوا» في هذه الآية في مقام دفع توهّم
الحظر من أكل المضحيّ (و لازمه عدم دلالتها على الوجوب كما قال به الكثير من
الفقهاء و المفسرين) فلا إشكال في دلالة «أَطْعِمُوا»
على وجوب صرف اللحوم في الفقراء، كما تدلّ عليه الروايات الواردة في أبواب الذبح
أيضاً، و أنّه أمر واجب بعد الذبح مرتبط به لا ينفك عنه بحسب ظاهر الآيات، بل
الذبح مقدّمة له.
دفع شبهة
تعدّد المطلوب
إن قيل: لعلّ
المسألة من قبيل تعدّد المطلوب، فكانت إراقة الدم في منى أمراً مطلوباً، و صرف
اللحوم في المصارف المنصوصة مطلوباً آخر، فإذا لم يقدر المكلّف