لا إشكال في أصل وجود الواجب التخييري في القوانين الشرعيّة والعقلائيّة نظير
التخيير في باب الكفّارات بين اطعام الستّين مسكيناً أو كسوتهم أو تحرير الرقبة،
وفي باب الديّات بين الامور الستّة المعروفة وفي باب الصّلاة بين الحمد والتسبيحات
الأربعة في الركعة الثالثة والرابعة، وفي القوانين العقلائيّة نظير التخيير بين
المجازاة بالمال والمجازاة بالحبس، وعند الموالي العرفيّة نظير قول المولى لعبده:
«إشتر من هذا السوق أو من ذاك».
إنّما الإشكال في بيان حقيقته وتوجيه ماهيّته، وقد توجّهت من جانب المحقّقين
عدّة إشكالات وعويصات لا بدّ من حلّها.
أحدها: أنّ الواجب التخييري إن كان واجباً من
الواجبات فكيف يجوز تركه؟
ثانيهما: أنّه كيف يمكن تعلّق الإرادة التشريعيّة بعنوان
أحدهما اللامعيّن مع عدم إمكان تعلّق الإرادة التكوينيّة به؟
ثالثها: قضيّة تعدّد العقاب ووحدته إذا ترك كلّ واحد
من الأطراف، أو تعدّد الثواب ووحدته إذا أتى بجميع الأطراف.
فما هو التصوير الصحيح عن الواجب التخييري بحيث يمكن ارتفاع هذه الشبهات
والتخلّص عنها؟
فنقول: قد ذكر في مقام تصويره وجوه عديدة:
منها: أن يكون الواجب حقيقة هو الفرد المردّد، وهذا
هو مختار المحقّق النائيني رحمه الله.
ومنها: أن يكون المأمور به هو الجامع الانتزاعي، وهو
عنوان أحدهما الكلّي، وهذا ما اختاره في المحاضرات وهو الأقوى.