الغائب فيها بالشمس وراء السحاب التي لا تؤثّر في الأشياء من جهة الظاهر
والعيان بل تؤثّر من ناحية الباطن والمعنى، ومنها: ما يشير إلى ارتباط قلوب
المؤمنين بقلوب النبي صلى الله عليه و آله والأئمّة الهادين من بعده فتحزن بحزنهم
وتفرح بفرحهم [1]، ويدلّ
عليه قوله تعالى: «هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَ
مَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ»[2] حيث إنّها تدلّ
على إخراج الملائكة المؤمنين من الظلمات إلى النور من طريق المعنى والباطن ولا
إشكال في أنّ الأئمّة مختلف الملائكة، وهم أولى بذلك من الملائكة، وأيضاً قوله
تعالى: «وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ
بِأَمْرِنا»[3] لأنّ
إطلاقها يشمل الهداية التشريعيّة والتكوينيّة معاً وإلّا فمجرّد الهداية
التشريعيّة من آثار النبوّة لا الامامة، ولا يخفى أنّ نفوذ الإمام عليه السلام في
نفوس المؤمنين وولايته على قلوبهم شأن من شؤون الولاية التكوينيّة.
ويظهر ممّا ذكرنا امور:
الأوّل: أنّ الامامة عهد اللَّه إلى خلقه، لا انتصاب
ولا انتخاب فيها من ناحية العباد، كما يدلّ عليه نسبته تعالى إيّاها إلى نفسه في
قوله تعالى: «إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً».
الثاني: إنّها تحتاج إلى المعرفة والعلم، كما يدلّ عليه قوله تعالى: «وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ
الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ»[4] وتحتاج من ناحية العمل إلى جهد وسيع وتوفيق
ونجاح في الابتلائات والامتحانات الإلهيّة، كما يدلّ عليه قوله تعالى: «وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ»[5].
الثالث: أنّها مرتبة لا يعرفها ولا يعلمها إلّااللَّه،
فهو يعلم حيث يجعل رسالته.
الرابع: أنّ الظالم ليس لائقاً بهذا المقام ولو سبق
منه الظلم في زمن بعيد من الأزمنة السابقة لعلوّ شأن الامامة وعظمة مقام الإمام.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّه ذكر صاحب الكفاية في مقام الجواب
عن الاستدلال بقوله