الآيات المذكورة استعملت الفعل المضارع الذي يشير عادة إلى الاستمرار يؤمنون
بالغيب- يقيمون الصلاة- ينفقون- و بالآخرة هم يوقنون. و هذا يعني أن المتقين و
المؤمنين الحقيقيين هم الذين يواصلون مسيرتهم الحياتية بثبات و استمرار، دون تعثر
أو تلكّؤ أو توقف.
هؤلاء ينطلقون منذ البدء بروح البحث عن الحق، و هذا يؤدي بهم إلى تلبية دعوة
القرآن، و القرآن بعد ذلك يوجد فيهم الخصائص الخمس المذكورة.
2- ما هي حقيقة التقوى؟
التقوى من الوقاية، أي الحفظ و الصيانة [1]، و هي بعبارة اخرى جهاز الكبح الداخلي الذي يصون الإنسان
أمام طغيان الشهوات.
لهذا السبب
وصف أمير المؤمنين علي عليه السّلام التقوى بأنها الحصن الذي يقي الإنسان
أخطار الانزلاق إذ قال: «اعلموا عباد اللّه أنّ التّقوى دار حصن عزيز» [2].
و في النصوص الدينية و الأدبية تشبيهات كثيرة تجسّم حالة التقوى، فعن الامام
علي عليه السّلام قال: «ألا و إنّ التّقوى مطايا
ذلل، حمل عليها أهلها، و أعطوا أزمّتها، فأوردتهم الجنّة» [3].
الاولى- أولئك الذين يتصفون بالإيمان بالغيب، و بإقامة الصلاة، و بالإنفاق. و
الثانية- هم المؤمنون بالوحي السماوي و بالاخرة. نحن نستبعد كثيرا هذا التّفسير،
لأن الصفات الخمس المذكورة مترابطة لا يمكن التفكيك بينها، و كلها تصف مجموعة
واحدة.
[1]- يقول الراغب في مفرداته: الوقاية
حفظ الشيء ممّا يؤذيه و يضرّه، و التقوى جعل النفس في وقاية ممّا يخاف، لذلك يسمى
الخوف تارة تقوى بينما الخوف سبب للتقوى. و في عرف الشرع، التقوى حفظ النفس عمّا
يؤثم. و «كمال التقوى» اجتناب المشتبهات.