و هناك ملاحظة تؤيد ما ذهبنا إليه في تفسير معنى الحروف المقطعة، و هي أن هذه
الحروف في السور الأربع و العشرين التي ذكرناها، يتلوها مباشرة ذكر لعظمة القرآن،
و هذا يدل على الارتباط بين الحروف المقطعة و عظمة القرآن. و على سبيل المثال نذكر
الآيات التالية:
بعد البسملة و ذكر الآية الاولى من سورة البقرة يقول تعالى: ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ. قد يشير هذا التعبير إلى أن اللّه تعالى وعد نبيّه أن ينزّل عليه كتابا
يهتدي به من طلب الحق، و لا يشك فيه من كان له قلب أو ألقى السمع و هو بصير، و ها
هو سبحانه قد وفى بوعده الآن.
و قوله: لا رَيْبَ فِيهِ ليس ادعاء، بل تقرير لحقيقة قرآنية مشهودة، هي إنّ القرآن يشهد بذاته على
حقّانيته. و بعبارة اخرى فإن مظاهر الصدق و العظمة و الانسجام و الاستحكام و عمق
المعاني و حلاوة الألفاظ و العبارات و فصاحتها من الوضوح بدرجة تبعد عنه كلّ شك.
من المشهود أن مرّ العصور و كرّ الدهور لم يقلل من طراوة القرآن، بل إن