هذه الامتحانات و المواقف العظيمة، و كانت آخر مرحلة من مراحل مسيرته
التكاملية.
من ذهب إلى أن الإمامة هي «أن يكون الفرد لائقا و نموذجيا» فقط، ما فهم أن هذه
الصفة كانت موجودة في إبراهيم عليه السّلام منذ بداية النّبوة.
و من قال إنّ المقصود من الإمامة «أن يكون الفرد قدوة»، فاته أن هذه صفة جميع
الأنبياء منذ ابتدائهم بدعوة النّبوة، و لذلك وجب أن يكون النّبي معصوما لأن
أعماله قدوة للآخرين.
من هنا، فمنزلة الإمامة أسمى ممّا ذكر، بل أسمى من النّبوة و الرسالة، و هي
المنزلة التي نالها إبراهيم من قبل اللّه بعد أن اجتاز الامتحان تلو الامتحان.
5- من الظّالم؟
المقصود من «الظلم» في التعبير القرآني: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ لا يقتصر على ظلم الآخرين، بل الظلم (مقابل العدل)، و قد استعمل هنا بالمعنى
الواسع للكلمة، و يقع في النقطة المقابلة للعدل: و هو وضع الشيء في محله.
فالظلم إذن وضع الشخص أو العمل أو الشيء في غير مكانه المناسب.
و لما كانت منزلة الإمامة و القيادة الظاهرية و الباطنية للبشرية منزلة ذات
مسئوليات جسيمة هائلة عظيمة، فإن لحظة من الذنب و المعصية خلال العمر تسبب سلب
لياقة هذه المنزلة عن الشخص.
لذلك نرى أئمة آل البيت عليهم السّلام يثبتون بهذه الآية تعيّن الخلافة بعد
النّبي مباشرة لعلي عليه السّلام و انحصارها به، مشيرين إلى أن الآخرين عبدوا
الأصنام في الجاهلية، و عليّ عليه السّلام وحده لم يسجد لصنم. و أيّ ظلم أكبر من
عبادة الأصنام؟! ألم يقل لقمان