النهوض بوجه عبدة الأصنام و تحطيم الأصنام، و الوقوف ببطولة في تلك المحاكمة
التاريخية، ثم إلقاؤه في وسط النيران. و ثباته و رباطة جأشه في كل هذه المراحل.
الهجرة من أرض عبدة الأصنام و الابتعاد عن الوطن، و الاتجاه نحو أصقاع نائية
لأداء رسالته ... و أمثالها [1].
كان كل واحد من هذه الاختبارات ثقيلا و صعبا حقّا، لكنه بقوة إيمانه نجح فيها
جميعا، و أثبت لياقته لمقام «الإمامة».
2- من هو الإمام؟
يتبين من الآية الكريمة التي نحن بصددها، أن منزلة الإمامة الممنوحة لإبراهيم
عليه السّلام بعد كل هذه الاختبارات، تفوق منزلة النّبوة و الرسالة.
و لتوضيح ذلك نقول: إن للإمامة معاني مختلفة:
1- الإمامة بمعنى الرئاسة و الزعامة في أمور الدنيا، (قال بذلك فريق من علماء
أهل السنة).
2- الإمامة بمعنى الرئاسة في أمور الدين و الدنيا، (قال بذلك فريق آخر من
علماء أهل السنة).
3- الإمامة بمعنى تحقيق المناهج الدينية بما في ذلك منهج الحكم بالمعنى الواسع
للحكومة، و إجراء الحدود و أحكام اللّه، و تطبيق العدالة الاجتماعية، و تربية
الأفراد في محتواهم الداخلي و في سلوكهم الخارجي. و هذه المنزلة أسمى من منزلة
النّبوة و الرسالة، لأن منزلة النّبوة و الرسالة تقتصر على إبلاغ أوامر اللّه، و
البشارة و الإنذار، أمّا الإمامة فتشمل مسئوليات النّبوة و الرسالة إضافة إلى
[1]- روي عن ابن عباس أنه استخرج
اختبارات إبراهيم من أربع سور قرآنية فكانت ثلاثين موضعا (تفسير المنار، تفسير
الآية المذكورة)، و خلاصتها ما ذكرناه.