و يذكرون لهم علاماته و صفاته، فلمّا بعث نبي الإسلام، أعرضوا عمّا جاء في
كتابهم، و كأنهم لم يروا و لم يقرءوا ما ذكرته التوراة في هذا المجال.
هذه هي النتيجة الطبيعية للأفراد الغارقين في ذاتياتهم، هؤلاء- حتى في دعوتهم
إلى حقيقة من الحقائق- لا يتجردون عن ذاتياتهم، فإن وصلوا إلى تلك الحقيقة و
وجدوها تنسجم مع أهوائهم، أعرضوا عنها و نبذوها وراء ظهروهم.
بحوث
1- واضح أن تعبير «النّزول» أو «الإنزال» بشأن القرآن الكريم لا يعني الانتقال
المكاني من الأعلى إلى الأسفل و أن اللّه مثلا في السماء و أنزل القرآن إلى الأرض،
بل التعبير يشير إلى علو مكانة ربّ العالمين.
2- كلمة «فاسق» من مادة «فسق» و تعني خروج النّواة من الرطب، فقد تسقط الرطبة
من النخلة، و تنفصل عنها النّواة. و يقال عن هذا الانفصال في العربية «فسقت
النواة»، ثم أطلقت الكلمة على كل انفصال عن خط طاعة اللّه، و عن طريق العبودية.
فكما أن النّواة تفسق إذا نزعت لباسها الحلو المفيد المغذي، كذلك الفاسق ينزع
عنه بفسقه كل قيمه و شخصيّته الإنسانية.
3- القرآن في حديثه عن اليهود لا يوبّخ الجميع بسبب ذنوب الأكثرية، بل يستعمل
كلمات مثل «فريق» «أكثر» ليصون حق الأقلية المؤمنة المتقية، و طريقة القرآن هذه في
حديثه عن الأمم درس لنا كي لا نحيد في أحاديثنا و مواقفنا عن الحقّ و الحقيقة.