في الآيات إشارة لتناقض بني إسرائيل في مواقف بعضهم من البعض الآخر.
قيل في ذلك: «كان بنو إسرائيل إذا استضعف قوم قوما أخرجوهم من ديارهم، و قد
أخذ عليهم الميثاق إن لا يسفكوا دماءهم و لا يخرجوا أنفسهم من ديارهم، و أخذ عليهم
الميثاق إن أسر بعضهم بعضا أن يفادوهم. فأخرجوهم من ديارهم ثم فادوهم، فآمنوا
بالفداء ففدوا و كفروا بالإخراج من الديار فأخرجوهم».
و
روي في المعنيّ بهذه الآية: «أن قريظة و النضير
كانا أخوين كالأوس و الخزرج فافترقوا فكانت النضير مع الخزرج و كانت قريظة مع
الأوس، فإذا اقتتلوا عاونت كل فرقة حلفاءها، فإذا وضعت الحرب أوزارها فدوا أسراها
تصديقا لما في التوراة، و الأوس و الخزرج أهل شرك يعبدون الأوثان لا يعرفون جنّة و
لا نارا و لا قيامة و لا كتابا، فأنبأ اللّه تعالى اليهود بما فعلوه» [1].
و هكذا سقط اليهود و غيرهم من أهل العناد في مثل هذه التناقضات في حياتهم
لانحرافهم عن خط العبودية التّامة للّه تعالى.
2- الازدواجية في الالتزام:
مرّ بنا أن القرآن الكريم يوبّخ اليهود بشدّة على التزامهم ببعض الأحكام
الإلهية و تركهم لبعضها الآخر، و ينذرهم بخزي الدنيا و بعذاب الآخرة و خاصة في
عملهم بالاحكام الجزئية، و مخالفتهم لأهم الأحكام الشرعية. أي قانون حرمة إراقة
الدماء، و تهجير من يشاركهم في العقيدة من ديارهم و أوطانهم.