المدينة، فنظر إلى النّبي صلّى اللّه عليه و اله و سلّم و دار حوله، فلما رآه
النّبي صلّى اللّه عليه و اله و سلّم عرف ما يريد.
فأرسل ثوبه حتى خرج خاتمه. فلما رآه أتاه و كلمه. ثم انطلق فاشترى طعاما و جاء
به، فقال له النّبي صلّى اللّه عليه و اله و سلّم: ما هذا؟ قال سلمان: هذه صدقة.
قال: لا حاجة لي بها فأخرجها فليأكل المسلمون. ثمّ انطلق فاشترى طعاما، فأتى
النّبي صلّى اللّه عليه و اله و سلّم فقال: ما هذا؟ قال: هدية. قال: فاقعد، فقعد فأكلا
جميعا منها. فبينا هو يحدثه، إذ ذكر أصحابه، فأخبره خبرهم، فقال: كانوا يصومون و
يصلون و يؤمنون بك، و يشهدون أنك ستبعث نبيّا. فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم، قال
له النّبي صلّى اللّه عليه و اله و سلّم: يا سلمان هم من أهل النار. فاشتدّ ذلك
على سلمان، فأنزل اللّه سبحانه هذه الآية.
2- من هم الصّابئون؟
يقول الرّاغب الأصفهاني: الصّابئون قوم كانوا على دين نوح [1] و ذكرهم إلى
جانب المؤمنين و اليهود و النصارى يدل على أنهم كانوا يدينون بدين سماوي و يؤمنون
باللّه و اليوم الآخر.
و اعتبر البعض أنهم مشركون، و قيل عنهم أنهم مجوس، و ليسوا كذلك، لأن القرآن
ذكرهم إلى جانب المشركين و المجوس إذا قال:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ الصَّابِئِينَ وَ النَّصارى وَ
الْمَجُوسَ وَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ...[2].
و اختلف المفسّرون و أصحاب الملل و النحل في تشخيص هوية الصابئين، و وجه
تسميتهم.
«الشّهرستاني» في «الملل و النحل»
يقول: الصابئة من صبأ أي انحرف عن طريق الأنبياء، و هؤلاء قوم انحرفوا عن طريق
الحق و دين الأنبياء فهم «صابئة».
و يقول «الفيومي» في «المصباح المنير» إن «صبأ» تعني الخروج من الدين