و قال لهما: إن ذبيحة قومكما عليكما حرام. فلم يزالا معه كذلك يتعلّمان منه.
ثم اتفق أن كان للملك عيد، فجعل طعاما، و دعى إليه الأشراف، فأبى ابن الملك أن
يحضر الوليمة، فدعاه أبوه فقال له: ما أمرك هذا؟
قال: إنا لا نأكل من ذبائحكم، إنكم كفار لا تحل ذبائحكم.
قال: إنا لا نأكل من ذبائحكم، إنكم كفار لا تحل ذبائحكم.
قال له الملك: من أمرك بهذا؟ فأخبره أن الراهب أمر بذلك.
فدعا الراهب فقال: ماذا يقول ابني؟
قال: صدق ابنك.
قال له: لو لا أن الدم فينا عظيم لقتلتك، و لكن اخرج من أرضنا. فأجّله أجلا.
قال سلمان: فقمنا نبكي عليه، فقال لهما: إن كنتما صادقين فأنا في بيعة في
الموصل، مع ستين رجلا نعبد اللّه فيها، فأتونا فيها، فخرج الراهب، و بقي سلمان و
ابن الملك، فجعل يقول لابن الملك: انطلق بنا، و ابن الملك يقول: نعم.
و جعل ابن الملك يبيع متاعه يريد الجهاز. فلما أبطأ على سلمان، خرج سلمان حتى
أتاهم، فنزل على صاحبه، و هو ربّ البيعة، و كان أهل تلك البيعة من أفضل الرهبان.
فكان سلمان معهم يجتهد في العبادة و يتعب نفسه.
قال له الشيخ يوما: إنك غلام حدث، تتكلف من العبادة ما لا تطيق، و أنا خائف أن
تفتر و تعجز، فارفق بنفسك، و خفف عليها.
قال له سلمان: أ رأيت الذي تأمرني به أهو أفضل أو الذي أصنع؟
قال: بل الذي تصنع.
قال: فخلّ عني، ثم إن صاحب البيعة دعاه، فقال: إني رجل أضعف عن عبادة هؤلاء، و
أنا أريد أن أتحول من هذه البيعة إلى بيعة اخرى هم أهون عبادة من هؤلاء، فإن شئت
أن تقيمها هنا فأقم، و إن شئت أن تنطلق معي فانطلق.