لاقاه من تعب و عناء في الطريق، فيطير على ارتفاع منخفض و لذلك يمكن اصطياده
بسهولة ... و ورد ذكر ذلك في سفر الخروج و سفر الأعداء من التوراة» [1].
يستفاد من هذا النص أن المقصود بالسلوى طير خاص سمين يشبه الحمام معروف في تلك
الأرض.
شاء اللّه بفضله و منّه أن يكثر هذا الطير في صحراء سيناء آنئذ لسدّ حاجة بني
إسرائيل من اللحوم، و لم تكن هذه الكثرة من الطير طبيعية في تلك المنطقة.
3- لماذا قالت الآية «أنزلنا»؟
عبرت الآية الكريمة عن نعمة تقديم المن و السلوى بالإنزال، و ليس الإنزال
دائما إرسال الشيء من مكان عال، كقوله تعالى: وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ[2].
واضح أن الأنعام لم تهبط من السماء، من هنا فالإنزال في مثل هذه المواضع:
إمّا أن يكون «نزولا مقاميا» أي نزولا من مقام أسمى إلى مقام أدنى.
أو أن يكون من «الإنزال» بمعنى الضيافة، يقال أنزلت فلانا: أي أضفته، و النزل
(على وزن رسل) ما يعدّ للنازل من الزاد، و منه قوله تعالى: فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ[3] و قوله سبحانه: خالِدِينَ فِيها نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ[4].
و تعبير «الإنزال» للمنّ و السلوى، قد يشير إلى أن بني إسرائيل كانوا ضيوف
اللّه في الأرض، فاستضافهم بالمن و السلوى.
و يحتمل أن يكون الإنزال بمعنى الهبوط من الأعلى لأن النعم المذكورة و خاصة
(السلوى) تهبط إلى الأرض من الأعلى.