و مع هذا الإفتاء يتضح حال المسلمين في جميع أقطار العالم الإسلامي الذين
يستشفعون بهم، اقتداء بكتاب اللّه و سنّة نبيّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم.
روح البطش و السفك و اللجاجة في هؤلاء لا تخفى على أحد، و هكذا جهلهم بالمسائل
الإسلامية و القرآنية.
نظرة على منطق الوهّابيين في حقل الشفاعة
و هكذا يظهر ممّا نقلنا عن مؤسس الحركة الوهّابية «محمّد بن عبد الوهّاب» أنّ
اتّهام الوهّابيين بالشرك للمؤمنين بالشفاعة يستند إلى مسألتين:
1- التشابه بين المؤمنين بشفاعة الأنبياء و الصالحين، و بين المشركين في عصر
الجاهلية.
2- نهي القرآن عن عبادة غير اللّه و عن دعوة فرد مع اللّه: فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً[1]، و الاستشفاع نوع من العبادة.
بالنسبة للمسألة الاولى، ارتكب الوهّابية خطأ فظيعا، و ذلك للأسباب التالية:
أوّلا: القرآن أقرّ منزلة الشفاعة بصراحة لجمع من الأنبياء و الصالحين و
الملائكة كما مرّ، لكنه قيّدها بإذن اللّه. و ليس من المعقول إطلاقا أن يكون اللّه
قد نهى عن الاستشفاع المشروط بإذن اللّه بمن قد منحهم هو سبحانه هذه المنزلة.
و صرّح القرآن بطلب إخوة يوسف من أبيهم أن يستغفر لهم، و هكذا صرّح بطلب
الصحابة إلى النّبي صلّى اللّه عليه و اله و سلّم أن يستغفر لهم أيضا.
أ ليست هذه من المصاديق الواضحة لطلب الشفاعة؟! إن الاستشفاع برسول اللّه صلّى
اللّه عليه و اله و سلّم بعبارة: «اشفع لنا عند اللّه» هي نفسها عبارة إخوة يوسف
إذ قالوا لأبيهم: