هنا فلا تكون هذه النعم عادة باعثة على السعادة و الاطمئنان. أمّا نعم الجنّة
ففيها السعادة و الطمأنينة لأنها خالدة لا يعتريها الزوال و الفناء. و إلى هذه
الحقيقة تشير الآية في خاتمتها و تقول: وَ
هُمْ فِيها خالِدُونَ.
بحوث
1- «الإيمان» و «العمل»:
في كثير من الآيات القرآنية يقترن ذكر الإيمان بذكر العمل الصالح، حتى كان
الاثنين متلازمان دونما افتراق. و الحق كذلك، لأن الإيمان و العمل يكمل بعضها
الآخر.
لو نفذ الإيمان إلى أعماق النفس لتجلت آثاره في الأعمال حتما، مثله كمثل مصباح
لو أضاء في غرفة لشع نوره من كل نوافذ الغرفة. و مصباح الإيمان كذلك لو شعّ في قلب
إنسان، لسطع شعاعه من عين ذلك الإنسان و أذنه و لسانه و يده و رجله.
يقول تعالى في الآية الحادية عشرة من سورة الطلاق: وَ مَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَ يَعْمَلْ صالِحاً
يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً.
فالإيمان بمثابة جذر شجرة و العمل الصالح ثمرتها. و وجود الثمر السليم دليل
على سلامة الجذر. و وجود الجذر السليم يؤدي إلى نموّ الثمر الطيب.
من الممكن أن يصدر عمل صالح أحيانا عن أفراد ليس لهم إيمان، و لكن ذلك لا يحدث
باستمرار حتما. فالذي يضمن بقاء العمل الصالح هو الإيمان المتغلغل في أعماق وجود
الإنسان، الإيمان الذي يضع الإنسان دوما أمام مسئولياته.