مسجلة على شريط معين من الزمان، و واقعة في مساحة معينة من المكان، و أمام جمع
معدود من النّاس، مثل معاجز عيسى عليه السّلام كحديثه في المهد و إحيائه الموتى.
و واضح أن الأحداث المقيّدة بزمان و مكان معينين تمسي صورتها باهتة كلما
ابتعدنا عن ظروفها الزمانية و المكانية. و هذا من خصائص الأمور الزمنية.
لكن القرآن لا يرتبط بالزمان و المكان، فهو يطلع علينا اليوم كما طلع على عرب
الجاهلية قبل قرون، بل إن مرور الزمن زاد البشرية قدرة في العلم و الإمكانات
لتستفيد منه أكثر من ذي قبل، و ما لا يرتبط بزمان أو مكان فانه يحوي عناصر الدوام
و الخلود وسعة دائرته العالمية، و بديهي أن الدين العالمي الخالد بحاجة إلى مثل
هذه الوثيقة العالمية الخالدة.
أمّا الصّفة «المعنوية» للقرآن فنفهمها حين ننظر إلى معاجز الأنبياء السابقين،
و نرى أنها كانت غالبا «جسمية» مثل: شفاء الأمراض الجسمية المستعصية، و تحدث الطفل
في المهد ... و كانت تتجه نحو تسخير الأعضاء البدنية. أما القرآن، فيسخر القلوب و
النفوس، و يبعث فيها الإعجاب و الإكبار. إنه يتعامل مع الأرواح و الأفكار و العقول
البشرية، و واضح امتياز مثل هذه المعجزة على المعاجز الجسمية.