هؤلاء يذهبون
إلى أنّ اللَّه تعالى خالق الكائنات كلّها، فنحن منه ونعود إليه. والهدف من خلق
الإنسان، هو التّكامل في الجوانب المعنويّة و الروحيّة، و مادام التقدم المادي و
التّطور الحضاري للبشرية، يتحرك في خطّ التكامل المعنوي، فهو يُعتبر هدفاً
معنويّاً أيضاً.
ويمكن تعريف
التّكامل المعنوي بأنّه: «القرب من اللَّه تعالى، والسّير على الطّريق الذي يقرّب
الإنسان لصفات الكمال الإلهيّة».
و إعتماداً
على هذا المعيار، فإنّ الأخلاق من وجهه نظر هذا المذهب، هي كلّ صفات الأفعال التي
تساعد الإنسان في سيره على هذا الطريق، و التّقييم الأخلاقي في هذا المذهب، يدور
حول القِيَم و المُثل و الكَمالات الرّوحية و المعنويّة و القُرب من اللَّه تعالى.
2- الأخلاق
المادية:
من المعلوم
أنّ المادّيين لهم مذاهب متعددّة، و المعروف منها الشيوعيّة، حيث يرون كلّ شيء من
خلال منظار المادّة، ولا يؤمنون باللَّه والمسائل الروحيّة و المعنويّة، ويقولون
بأصالة الإقتصاد، و يعطون للتأريخ ماهيّةً ماديّةً و إقتصاديةً، فكلّ شيء يؤدي
إلى تقوية الإقتصاد الشّيوعي في المجتمع، فانّه يعتبر من الأخلاق أو على حد
تعبيرهم: «كلّ شيء يعجّل في الثورة الشيوعيّة، فهو الأخلاق»،
فمثلًا المعيار الأخلاقي للكَذب و الصّدق، يقاس بمدى تأثير ذلك السّلوك الأخلاقي
على الثّورة، فإذا أدّى الكذب إلى التسّريع بالثورة فهو أمر أخلاقي، وإذا أضرّ
الصّدق بالثّورة، فهو أمر غير أخلاقي!
و المذاهب
الماديّة الاخرى كذلك، فكلّ مذهب يُفسّر الأخلاق حسب ما يرتئيه مسلكه، فالّذين
يقولون بأصالة اللّذة، و الإستفادة من اللذائذ الماديّة، لا يوجد شيء عندهم بإسم
الأخلاق، أو بالأحرى أنّ الأخلاق عندهم، هي الصّفات و الأفعال الّتي تمهد الطّريق
للوصول إلى اللذّة.