أن يتساءل المرءُ عن كيفيّةِ تَحصيل هذه الإرادة القويّة، في واقعه الدّاخلي و
النّفسي.
و الجواب واضح جِدّاً، فَنفس الهدفِ المنشودِ، هو الحافز الأصلي الذي يدفع الإنسان
نَحوه، فكُلّما كان الهدف سامِياً، كان السّير إليه أقوى وأشد، والخُطى نَحوه
أثبت.
فإذا أذعن الإنسان لهدف الحقيقة، و هيَ: أنّ وجوده، و الهدف من خلقته، ليس هو
إلّا تهذيب الأخلاق و القربُ من اللَّه تعالى، و بِغَفلته أو تَغافُله عنها، سيقع
في مستنقع الرّذائل، و ينحدر في وادي الظّلمات، فإذا صدّق تلك الحقيقة، و تعمّق
فيها، أكثر و أكثر، فسوف يسير على بصيرةٍ من أمره، ثابتَ الخُطى، هادىءَ البال،
مرتاحَ الضّمير، رابطَ الجّأش، بل وأكثر من ذلك، سيفدي روحه في هذا السّبيل، و
يكون مِصداقاً ل: «عَجّلْتُ إليك رَبِّ لِتَرضى».
و يمكن القول في جملة واحدة، أنّ الإرادة القويّة منشؤها المعرفة الكاملة، من
موقع الوضوح في الرّؤية و سمّو الهدف، في وعي الإنسان.
الإخلاص:
المراد من «الإخلاص»، هو: إخلاص النيّة، و أن يكون الهدف، في دائرة الفكر و
السّلوك:
هو اللَّه تعالى فقط.
و قد يكون هناك أشخاص من ذوي الإرادة القويّة، تمنحهم القوّة للوصول إلى
أهدافهم، إلّا أنّ الدّافع الحقيقي لهم، هو: النّفع المادي و المصلحة الذّاتية،
ولكنّ أولياء اللَّه و السّالكين في خطّ الحقّ و الإيمان، يتمتعون بإخلاص النيّة
للَّهتعالى، إلى جانب الإرادة القويّة.
و نرى في القرآن الكريم و الرّوايات الإسلاميّة، أن عنصر: «الإخلاص»، إلى
درجةٍ من الأهميّة، بحيث يُعدّ العامل الأساس في حركة الإنسان و الحياة، للفوز في
الدنيا و الآخرة، و كلّ عملٍ في الإسلام، لا يقبل إلّاإذا توفّر عنصر الإخلاص
للَّهتعالى، هذا من جهةٍ:
و من جهةٍ اخرى: نرى أنّ الإخلاص يعدّ من أصعب الامور، ولا يصل إلى الدّرجة
العليا من الإخلاص إلّاالمقرّبون، رغم أنّ حالة الإخلاص محمودةٍ في أيّ مرحلةٍ و
مرتبةٍ.