الأوّل:
إنّ الرواية أعلاه تصرّح بأن المراد من القربى في هذه الآية هم أهل بيت النبي صلى
الله عليه و آله لا النبي نفسه و لا أقرباء المسلمين و لا مطلق الأعمال الصالحة و
الخيّرة.
مضافاً إلى
أن كلمة القربى هنا لا تستوعب جميع أقرباء النبي صلى الله عليه و آله، بل تتحدّد
بأشخاص معدودين ذكرت أسماءهم في هذه الرواية.
الثاني:
و نستوحي أيضاً أن هذا السؤال و الاستفهام عن القربى كان يدور في أذهان الصحابة
أيضاً و لذلك لم يتوجّهوا صوب الاحتمالات الواهية التي ذكرها بعض علماء أهل السنّة
بل فهموا بصورة مباشرة من المودّة هنا هي مودّة أهل بيت النبي صلى الله عليه و
آله، و كذلك أدركوا أن الآية لا تقصد بالقربى جميع أقرباء النبي صلى الله عليه و
آله و لذلك طلبوا من النبي الأكرم صلى الله عليه و آله أن يحدّد لهم هؤلاء الذين
وجبت مودّتهم.
الثالث:
أن أصحاب النبي صلى الله عليه و آله فهموا من هذه الآية وجوب المودّة و المحبّة
للقربى كما ذهب إليه جميع علماء الشيعة و كذلك أهل السنّة أيضاً، و مع غض النظر
عن التفاسير الواردة في كلمة «القربى» فإنّهم يرون وجوب مودّة أهل البيت عليهم
السلام و محبتهم، و لكن نكرر السؤال هنا و هو: لما ذا وجبت محبّة أهل بيت النبي
صلى الله عليه و آله؟
هل أن هذه
المسألة حال بعض الأحكام الشرعية التي لا ندرك مغزها و فلسفتها، أي من قبيل الامور
التعبدية؟ أو ليست كذلك بل الغرض منها واضح و هو أن هذه المحبّة تقع مقدمة لسلوك
الإنسان في خط الإطاعة لهؤلاء العظماء و اتباعهم؟
إذا أردنا أن
يكون لدينا تفسير صحيح لآية المودّة و سائر الآيات المرتبطة بها بالاستعانة
بالرواية المطوّلة التي ذكرها الفخر الرازي و الرواية المذكورة آنفاً و الروايات
التي ستأتي لاحقاً، لوجد القوم بأن الحكمة في هذه المحبّة و المودّة هي ما يقود
الإنسان نحو الولاية و الحكومة و الخلافة، الولاية التي تقع رديفاً للرسالة و
عدلًا للنبوّة، فكما أن الرسالة هي عماد الإسلام فكذلك الولاية هي أساس قوامها و
استمرارها.
و لا سيّما
إذا التفتنا إلى هذه الحقيقة، و هي أن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بالرغم من
وجود أقرباء و أرحام مثل العبّاس و أولاده و كذلك أولاد أبي طالب و سائر أبناء عبد
المطلب و أحفاده