قالَ: إنّا وَاللَّهِ لا نَقولُ الباطِلَ.
فَقالَ لَهُم مُعاوِيَةُ: لا وَاللَّهِ ولَا الحَقَّ.[1]
3/ 23 عَبدُ اللَّهِ بنُ بُدَيلٍ
عَبدُ اللَّهِ بنُ بُدَيلِ بنِ وَرقاءَ الخُزاعِيُّ، أسلَمَ قَبلَ فَتحِ مَكَّةَ، وشَهِدَ حُنَيناً، وَالطّائِفَ، وتَبوكَ، أشخَصَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله إلَى اليَمَنِ مَعَ أخيهِ عَبدِ الرَّحمنِ. عَدَّهُ المُؤَرِّخونَ مِن عُظَماءِ أصحابِ الإِمامِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام وأعيانِهِم.
اشتَرَكَ عَبدُ اللَّهِ فِي الثَّورَةِ عَلى عُثمانَ. ثُمَّ كانَ إلى جانِبِ الإِمامِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام عَضُداً صُلباً وصاحِباً مُضَحِّياً. وشَهِدَ مَعَهُ الجَمَلَ، وصِفّينَ. وكانَ في صِفّينَ قائِدَ الرَّجّالَةِ أو قائِدَ المَيمَنَةِ، وتَوَلّى رِئاسَةَ قُرّاءِ الكوفَةِ أيضاً.
تَدُلُّ خُطَبُهُ وأقوالُهُ عَلى أ نَّهُ كانَ يَتَمَتَّعُ بِوَعيٍ عَظيمٍ في مَعرِفَةِ أوضاعِ عَصرِهِ، واناسِ زَمانِهِ، ودَوافِعِ أعداءِ الإِمامِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام. وَقَفَ عِندَ قِيامِ الحَربِ بِكُلِّ ثَباتٍ، وقالَ: «إنَّ مُعاوِيَةَ ادَّعى ما لَيسَ لَهُ، ونازَعَ الأَمرَ أهلَهُ ومَن لَيسَ مِثلَهُ، وجادَلَ بِالباطِلِ لِيُدحِضَ بِهِ الحَقَّ، وصالَ عَلَيكُم بِالأَعرابِ وَالأَحزابِ، وزَيَّنَ لَهُمُ الضَّلالَةَ ... وأنتُم وَاللَّهِ عَلى نورٍ مِن ربِّكُم، وبُرهانٍ مُبينٍ».
دَنا مِن مُعاوِيَةَ بِشَجاعَةٍ مَحمودَةٍ وصَولَةٍ لا هَوادَةَ فيها. فَلَمّا رَأى مُعاوِيَةُ أنَّ الأَرضَ قَد ضاقَت عَلَيهِ بِما رَحُبَت، أمَرَ أن يُرضَخَ بِالصَّخرِ
[1]. وقعة صفّين: ص 554.