نام کتاب : الکافی- ط دار الحدیث نویسنده : الشيخ الكليني جلد : 0 صفحه : 42
وبعد أن طاف
الكليني في المراكز العلميّة في إيران عزم على رحلة علميّة واسعة ، حيث رحل إلى
العراق واتّخذ من بغداد قاعدة للانطلاق إلى المراكز العلميّة الاخرى إلى أن وافاه
أجله المحتوم فيها ، فقد حدّث بعد ارتحاله من بغداد إلى الكوفة عن كبار مشايخها ،
كأبي العبّاس الرزّاز الكوفي ، وحميد بن زياد الكوفي ، كما رحل إلى الشام بعد أن
وقف على منابع الحديث ومشايخه في العراق ، وحدّث ببعلبك ، كما صرّح بهذا ابن عساكر
الدمشقي في ترجمة ثقة الإسلام [١].
أسباب هجرة الكليني إلى بغداد :
لم تكن هجرة
الكليني قدسسره من الريّ إلى بغداد هجرة مجهولة السبب [٢] ، ولا تأثّراً بالمنهج العقلي الذي عُرِفت به المدرسة
البغداديّة ، دون مدرسة قم ، بتقريب أنّ الكليني روى في الكافي عن سهل بن زياد ـ الذي
اخرج من قم إلى الريّ ثمّ رحل إلى بغداد ـ أكثر من ألف حديث ، في حين لم يكثر عنه
أرباب مدرسة قم النقليّة كالشيخ الصدوق مثلاً ؛ ولهذا اختار الكليني ـ كما يزعمون
ـ بغداد دون قم! [٣] كما لم تكن هجرة الكليني إلى بغداد بدوافع سياسيّة من قبل
البويهيّين ، كما توهّمه صاحب كتاب الكليني والكافي [٤] ، بل كانت
لاعتبارات علميّة محضة ، فبغداد في عصره عاصمة للدولة الإسلاميّة ، ومركز الحضارة
، وملتقى علماء المذاهب من شتّى الأمصار ، ومستوطن السفراء الأربعة رضوان الله
تعالى عليهم.
ومن ثمّ فهو لم
يغادر الريّ في نعومة أظفاره ، بل غادرها بعد تجوال طويل في بلاد إيران ، فكان
عليه الانتقال إلى بغداد ؛ لتكون منطلقه إلى مدن العراق والبلاد المجاورة كالشام
والحجاز ، خصوصاً وأنّ العراق يمثّل مركز الثقل الأعظم لتراث أهل البيت عليهمالسلام ، إذ لا يوجد في الأئمّة الإثني عشر عليهمالسلام إمام قط لم يدخل العراق طوعاً أو كرهاً ، وبالتالي وجود
ستّة مراقد مقدّسة لآل الله عليهمالسلام موزّعة على ربوع أرض السواد التي تتوسّطها