نام کتاب : الکافی- ط دار الحدیث نویسنده : الشيخ الكليني جلد : 0 صفحه : 19
ولشهرة الريّ
وموقعها قصدها بعض الصحابة [١] وكبار التابعين وتابعيهم ، كسعيد بن جبير ، حيث كانت له
رحلة شملت مدينة الريّ ، والتقى به الضحّاك ( م ١٠٥ هـ ) وكتب عنه التفسير في
الريّ [٢]. ووصل الشعبي ( م ١٠٣ هـ ) إلى الريّ ليدخل على الحجّاج يوم كان عاملاً
لطاغية عصره عبدالملك بن مروان على الريّ [٣]. كما دخلها سفيان الثوري ( م ١٦١ هـ ) [٤].
ومات في الريّ
الكثير من الأعلام والفقهاء والمحدّثين والأدباء والشعراء والقوّاد ، كمحمّد بن
الحسن الشيباني ، والكسائي النحوي ، والحجّاج بن أرطاة ، وغيرهم. وكان للشعراء
والادباء حضور بارز في تلك المدينة.
المذاهب والاتّجاهات الفكريّة في الريّ :
ضمّت الريّ في
تاريخها الإسلامي خليطاً من المذاهب والفرق والتيّارات الفكريّة المتعدّدة ، وكانت
جذور هذا الخليط الواسع ممتدّة في تاريخ الريّ ، ممّا نجم عن ذلك ثقل ما وصل إلى
زمان الكليني رحمهالله من التراث بكلّ مخلّفاته ، والذي ابتعد في كثير منه عن
الإسلام روحاً ومعنىً ، ومعرفة كلّ هذا يفسّر لنا سبب طول الزمان الذي استغرقه ثقة
الإسلام في تأليف الكافي الذي تقصّى فيه الحقائق ، ودرس الآراء السائدة في مجتمعه
، واستوعب اتّجاهاتها ، ومحّصها بدقّة ، حتّى جاء بالإجابة الشافية على جميع ما
كان يحمله تراث الريّ من تساؤلات.
وفيما يأتي استعراض
سريع لما شهدته الريّ من مذاهب وفرق وآراء ، وهي :
١ ـ الخوارج :
كان الطابع العام
لمجتمع الريّ بعد فتحها الإسلامي هو الدخول التدريجي في الدين الجديد بمعناه
الإسلامي العريض ؛ إذ لم تكن هناك مذاهب وفرق ، وإنّما انحصر الأمر في اعتناق
الإسلام بإعلان الشهادتين ، ولا يمنع هذا من الميل إلى بعض الاتّجاهات الفكريّة
المتطرّفة. ولا غرابة في ذلك ؛ لأنّ قرب العهد بالدين الجديد مع