ذكر محمَّد بن يعقوب الكليني في كتاب (الرَّسائل) بإسناده إلى أبي جعفر بن عَنْبَسة، عن عبَّاد بن زياد الأسدي، عن عَمْرو بن أبي المِقْدَام، عن أبي جعفر 7، قال: لمَّا أقبَل أمير المؤمنين 7 من صفِّين كتب إلى ابنه الحسن 7:
أمَّا بعدُ، فإنَّ فِيما تَبَيَّنْتُ من إدْبارِ الدُّنيا عَنِّي، وجُمُوحِ الدَّهْرِ علَيَّ، وإقبالِ الآخِرَةِ إليَّ، ما يَزَعُنِي[1]عن ذِكْر مَن سِوايَ، والإهْتِمام بما ورائيَ، غيرَ أنِّي حَيْثُ تَفَرَّدَ بي دُونَ هُموم النَّاس هَمُّ نفْسِي، فَصَدفَنِي رأيي، وصَرَفَني عن هوايَ، وصَرَّحَ لي مَحْضُ أمْري، فأفْضَى بي إلى جدٍّ لا يَكون فيه لَعِبٌ، وصِدْقٍ لا يَشُوبُه كَذِبٌ، ووَجَدْتُك بَعضِي، بل وَجَدْتُك كُلِّي حَتَّى كأنَّ شَيْئاً لو أصابَك أصابَني، وكأنَّ الموت لوْ أتاك أتانِي، فَعَنانِي من أمرك ما يَعْنِينِي من أمْر نَفسِي، فَكَتَبْتُ إليك، مُسْتَظِهراً[2]به إنْ أنَا بقيِتُ لكَ أو فَنيتُ.
[1] وزعتُهُ أزَعُه وَزْعاً: كفَفْتُهُ، فاتَّزع هو، أي كفَّ (الصحاح: ج 3 ص 1297).