ومِنه: إِنِّي واللَّه لَوْ لَقِيتُهُمْ وَاحِداً وهُمْ طِلاعُ الأَرْضِ كُلِّهَا مَا بَالَيْتُ ولا اسْتَوْحَشْتُ، وإِنِّي مِن ضَلالِهِمُ الَّذِي هُمْ فِيهِ، والْهُدَى الَّذِي أَنَا علَيْه لَعَلَى بَصِيرَةٍ مِن نَفْسِي ويَقِينٍ مِن رَبِّي، وإِنِّي إلَى لِقَاءِ اللَّه لَمُشْتَاقٌ، وحُسْنِ ثَوَابِهِ لَمُنْتَظِرٌ رَاجٍ، ولَكِنَّنِي آسَى أَنْ يَلِيَ أَمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ سُفَهَاؤُهَا وفُجَّارُهَا، فَيَتَّخِذُوا مَالَ اللَّه دُوَلًا، وعِبَادَهُ خَوَلًا، والصَّالِحِينَ حَرْباً، والْفَاسِقِينَ حِزْباً، فإنَّ مِنْهُمُ الَّذِي قَدْ شَرِبَ فِيكُمُ الْحَرَامَ، وجُلِدَ حَدّاً فِي الإِسْلامِ، وإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى رُضِخَتْ لَهُ عَلَى الإِسْلامِ الرَّضَائِخُ [1]، فَلَوْلا ذَلِك مَا أَكْثَرْتُ تَأْلِيبَكُمْ، وتَأْنِيبَكُمْ، وجَمْعَكُمْ وتَحْرِيضَكُمْ، ولَتَرَكْتُكُمْ إِذْ أَبَيْتُمْ ووَنَيْتُمْ.
أَلا تَرَوْنَ إِلَى أَطْرَافِكُمْ قَدِ انْتَقَصَتْ، وإِلَى أَمْصَارِكُمْ قَدِ افْتُتِحَتْ، وإِلَى مَمَالِكِكُمْ تُزْوَى، وإِلَى بِلادِكُمْ تُغْزَى؟!
انْفِرُوا رَحِمَكُمُ اللَّه إِلَى قِتَالِ عَدُوِّكُمْ، ولا تَثَّاقَلُوا إِلَى الأَرْضِ فَتُقِرُّوا بِالْخَسْف، وتَبُوءُ وا بِالذُّلِّ، ويَكُونَ نَصِيبُكُمُ الأَخَسَّ، وإِنَّ أَخَا الْحَرْبِ الأَرِقُ، ومَنْ نَامَ لَمْ يُنَمْ عَنْهُ، والسَّلامُ».
[2]
135 كتابه 7 إلى محمَّد بن أبي بكر
من كتاب له 7 إلى محمَّد بن أبي بكر، لمَّا بلَغه توجُّده [3] من عَزْلِه بالأشْتَر عن مصر، ثُمَّ توفّي الأشْتَر في توجُّهه إلى هُناك قَبْل وصوله إليْها:
[1] يتراضخون بالسّهام: أي يترامون، راضخته: راميته بالحجارة. (لسان العرب: ج 3 ص 19)
[2]. نهج البلاغة: الكتاب 62.
[3] التوجد و الموجدة: الحزن.