أ لا وإنَّ لكُم عِنْدي ألَّا أَحْتَجِزَ دُونَكُمْ سِرّاً إلَّا في حَرْبٍ، ولا أَطْوِي دُونَكُمْ أمْراً إلَّا في حُكْمٍ، ولا أُؤَخِّرَ لكُم حَقّاً عن مَحَلِّه، ولا أَقِفَ بهِ دُونَ مَقْطَعِهِ، وأَنْ تَكُونُوا عِنْدي في الْحَقِّ سَوَاءً، فَإذا فَعَلْتُ ذَلِكَ وجَبَتْ لِلّهِ عليْكُمُ النِّعْمَةُ، ولِي عَلَيْكُمُ الطَّاعَةُ، وألَّا تَنْكُصُوا عن دَعْوَةٍ، ولا تُفَرِّطُوا في صَلاحٍ، وأنْ تَخُوضُوا الْغَمَرَاتِ إلى الْحَقِّ، فَإنْ أَنْتُمْ لَمْ تَسْتَقِيمُوا لي علَى ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَهْوَنَ علَيَّ مِمَّنِ اعْوَجَّ مِنْكُمْ، ثُمَّ أُعْظِمُ لَهُ الْعُقُوبَةَ، ولا يَجِدُ عندِي فيها رُخْصَةً فَخُذُوا هذا من أُمَرَائِكُمْ، وأَعْطُوهُمْ من أَنْفُسِكُمْ ما يُصْلِحُ اللَّهُ بهِ أَمْرَكُم، والسَّلامُ.
[1]
104 كتابه 7 إلى أُمراء الأجناد
و إلى العُمَّالِ الَّذِينَ يَطأُ الجَيشُ عَمَلَهُم:
«مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِالْمُؤْمِنِين إلى مَن مَرَّ بهِ الْجَيْشُ مِنْ جُبَاةِ الْخَرَاجِ وعُمَّالِ الْبِلاد:
أَمَّا بَعْدُ؛ فإنِّي قد سَيَّرْتُ جُنُوداً، هِي مَارَّةٌ بِكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وقد أَوْصَيْتُهُمْ بما يَجِبُ للَّهِ علَيهِم مِن كَفِّ الأَذَى، وصَرْفِ الشَّذَى، وأَنَا أَبْرَأُ إلَيكُم، وإلَى ذِمَّتِكُم مِن مَعَرَّة الْجَيْشِ، إلَّامِنْ جَوْعَةِ المُضْطَرِّ لا يَجِدُ عَنْهَا مَذْهَباً إلى شِبَعِه، فَنَكِّلُوا مَن تَنَاوَلَ مِنْهم شَيْئاً ظُلْماً عَن ظُلْمِهِم، وكُفُّوا أَيْدِيَ سُفَهَائِكُم عَن مُضَارَّتِهِم، والتَّعَرُّضِ لَهُمْ فِيما اسْتَثْنَيْنَاهُ مِنْهُم، وأَنا بَيْنَ أَظْهُرِ الْجَيْشِ فَارْفَعُوا إِلَيَّ مَظَالِمَكُم، وما عَرَاكُمْ مِمَّا يَغْلِبُكُمْ مِن أَمْرِهِم، وما لا تُطِيقُونَ دَفْعَهُ إلَّابِاللَّهِ وبي، فَأَنَا أُغَيِّرُهُ
[1]. نهج البلاغة: الكتاب 50، الأمالي للطوسي: ص 22 وقعة صفِّين: ص 107، بحار الأنوار: ج 75 ص 354، المعيار و الموازنة: ص 103.