قال خالد بن قَطَن (الحارثي): فلمَّا قطع عليّ الفراتَ دعا زيادَ بن النَّضْر، و شُرَيْح بن هانئ، فسرَّحهما أمامه نحو معاوية على حالهما الَّذي كانا عليه حين خرجا من الكوفة، في اثني عشر ألفا. و قد كانا حين سرَّحهما من الكوفة مقدِّمة له أخذا على شاطئ الفرات، من قِبَل البَرِّ ممَّا يلي الكوفة، حَتَّى بلغا عانات، فبلغهما أخْذ عليّ على طريق الجزيرة، و بلغهما أنَّ معاوية أقبل في جنود الشَّام من دمشق لاستقبال عليّ، فقالا:
لا و اللَّه ما هذا لنا برَأي: أن نسير و بيننا و بين أمير المؤمنين هذا البحر! ما لنا خير أن نلقى جموعَ أهل الشَّام بقلّة من عددنا، منقطِعين من العدد و المَدَد.
فذهبوا ليعبروا من عانات، فمنعهم أهلُ عانات، و حبسوا عندهم السُّفن، فأقبلوا راجعين حَتَّى عبروا من هِيت، ثُمَّ لحقوا عليّا بقرية دون قِرقِيسيا و قد أرادوا أهل عانات فتحصَّنوا منهم، فلمَّا لحقت المقدِّمة عليّا قال:
[1]. وقعة صفّين: ص 154، بحار الأنوار: ج 32 ص 414 ح 374 و ص 432 ح 387؛ تاريخ الطبري: ج 4 ص 567، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 3 ص 213 وج 15 ص 98 و راجع: نهج البلاغة: الخطبة 13؛ الكامل في التاريخ: ج 2 ص 293.