83 كتابه 7 إلى معاوية
«فَأَرَادَ قَوْمُنَا قَتْلَ نَبِيِّنَا، واجْتِيَاحَ أَصْلِنَا، وهَمُّوا بِنَا الْهُمُومَ، وفَعَلُوا بِنَا الأَفَاعِيلَ، ومَنَعُونَا الْعَذْبَ، وأَحْلَسُونَا الْخَوْفَ، واضْطَرُّونَا إِلَى جَبَلٍ وَعْرٍ، وأَوْقَدُوا لَنَا نَارَ الْحَرْبِ، فَعَزَمَ اللَّه لَنَا عَلَى الذَّبِّ عَنْ حَوْزَتِهِ، والرَّمْيِ مِن وَرَاءِ حُرْمَتِهِ.
مُؤْمِنُنَا يَبْغِي بِذَلِك الأَجْرَ، وكَافِرُنَا يُحَامِي عَنِ الأَصْلِ، ومَنْ أَسْلَمَ مِن قُرَيْشٍ خِلْوٌ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ بِحِلْفٍ يَمْنَعُهُ، أَوْ عَشِيرَةٍ تَقُومُ دُونَهُ، فَهُوَ مِنَ الْقَتْلِ بِمَكَانِ أَمْنٍ.
وكَانَ رَسُولُ اللَّه 6: إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ، وأَحْجَمَ النَّاسُ، قَدَّمَ أَهْلَ بَيْتِهِ فَوَقَى بِهِمْ أَصْحَابَهُ حَرَّ السُّيُوفِ والأَسِنَّةِ، فَقُتِلَ عُبَيْدَةُ بن الْحَارِثِ يَوْمَ بَدْرٍ، وقُتِلَ حَمْزَةُ يَوْمَ أُحُدٍ، وقُتِلَ جَعْفَرٌ يَوْمَ مُؤْتَةَ.
وأَرَادَ مَنْ لَوْ شِئْتُ ذَكَرْتُ اسْمَهُ مِثْلَ الَّذِي أَرَادُوا مِنَ الشَّهَادَةِ، ولَكِنَّ آجَالَهُمْ عُجِّلَتْ، ومَنِيَّتَهُ أُجِّلَتْ، فَيَا عَجَباً لِلدَّهْرِ، إِذْ صِرْتُ يُقْرَنُ بِي مَنْ لَمْ يَسْعَ بِقَدَمِي، ولَمْ تَكُنْ لَهُ كَسَابِقَتِي الَّتي لا يُدْلِي أَحَدٌ بِمِثْلِهَا، إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ مُدَّعٍ مَا لا أَعْرِفُهُ، ولا أَظُنُّ اللَّه يَعْرِفُهُ، والْحَمْدُ لِلّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
وأَمَّا مَا سَأَلْتَ مِن دَفْعِ قَتَلَةِ عُثْمَانَ إِلَيْك، فإنِّي نَظَرْتُ فِي هَذَا الأَمْرِ فَلَمْ أَرَهُ يَسَعُنِي دَفْعُهُمْ إِلَيْك، ولا إِلَى غَيْرِك، ولَعَمْرِي لَئِنْ لَمْ تنْزِعْ عَنْ غَيِّك وشِقَاقِك، لَتَعْرِفَنَّهُمْ عَنْ قَلِيلٍ يَطْلُبُونَك، لا يُكَلِّفُونَك طَلَبَهُمْ فِي بَرٍّ ولا بَحْرٍ، ولا جَبَلٍ ولا سَهْلٍ، إِلَّا أَنَّهُ طَلَبٌ يَسُوؤك وِجْدَانُهُ، وزَوْرٌ لا يَسُرُّك لُقْيَانُهُ، والسَّلامُ لأَهْلِهِ».
[1]
[1]. نهج البلاغة: الكتاب 9.