يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ: خَذَلَهُ مَنْ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ، ومَنْ خَذَلَهُ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ: نَصَرَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، وأَنَا جَامِعٌ لَكُمْ أَمْرَهُ، اسْتَأْثَرَ فَأَسَاءَ الأَثَرَةَ، وجَزِعْتُمْ فَأَسَأْتُمُ الْجَزَعَ، ولِلَّهِ حُكْمٌ وَاقِعٌ فِي الْمُسْتَأْثِرِ والْجَازِعِ».
[1]
60 كتابه 7 إلى معاوية
و من كتاب له 7 إلى معاوية جوابا، و هو من محاسن الكتب:
«أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ أَتَانِي كِتَابُك تَذْكُرُ فيه اصْطِفَاءَ اللَّهِ مُحَمَّداً 6 لِدِينِهِ وتَأْيِيدَهُ إِيَّاهُ بمَنْ أَيَّدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَقَدْ خَبَّأَ لَنا الدَّهْرُ مِنْك عَجَباً؛ إِذْ طَفِقْتَ تُخْبِرُنَا بِبَلاءِ اللَّه تَعَالَى عِنْدَنَا، ونِعْمَتِهِ عَلَيْنَا فِي نَبِيِّنَا، فَكُنْتَ فِي ذَلك كَنَاقِلِ التَّمْرِ إلى هَجَرَ، أَوْ دَاعِي مُسَدِّدِهِ إلى النِّضَالِ، وزَعَمْتَ أَنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ فِي الإِسْلامِ فُلانٌ وفُلانٌ، فَذَكَرْتَ أَمْراً إِنْ تَمَّ اعْتَزَلَك كُلُّهُ، وإِنْ نَقَصَ لَمْ يَلْحَقْكَ ثَلْمُهُ.
ومَا أَنْتَ والْفَاضِلَ والْمَفْضُولَ، والسَّائِسَ والْمَسُوسَ، ومَا لِلطُّلَقَاءِ وأَبْنَاءِ الطُّلَقَاءِ والتَّمْيِيزَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ، وتَرْتِيبَ دَرَجَاتِهِمْ، وتَعْرِيفَ طَبَقَاتِهِمْ، هَيْهَاتَ لَقَدْ حَنَّ قِدْحٌ لَيْسَ مِنْهَا، وطَفِقَ يَحْكُمُ فِيهَا مَنْ عَلَيْهِ الْحُكْمُ لَهَا.
أَلا تَرْبَعُ أَيُّهَا الإِنْسَانُ عَلَى ظَلْعِكَ، وتَعْرِفُ قُصُورَ ذَرْعِكَ، وتَتَأَخَّرُ حَيْثُ أَخَّرَكَ الْقَدَرُ، فَمَا عَلَيْكَ غَلَبَةُ الْمَغْلُوبِ، ولا ظَفَرُ الظَّافِرِ، وإِنَّكَ لَذَهَّابٌ فِي التِّيهِ، رَوَّاغٌ عَنِ الْقَصْدِ.
أَ لا تَرَى- غَيْرَ مُخْبِرٍ لَك، ولَكِنْ بِنِعْمَةِ اللَّه أُحَدِّثُ- أَنَّ قَوْماً اسْتُشْهِدُوا فِي
[1]. نهج البلاغة: الخطبة 30.