فإن قلت: إنّ اسم المنتقم ليس داعياً إلى إيجاد الظالم، بل ظلم الظالم سبب لحصول اسم المنتقم للَّهتعالى.
قلت: هذا كلام ظاهري قشريّ، وذلك لأنّ الظالم ليس إيجاده اضطراريّاً، بل كان هو في جملة معلومات اللَّه الغير المتناهية المنتزعة من القدرة الكاملة؛ أي كان في علم اللَّه تعالى أنّ من مقدوراته ذات في طبعه أن يختار الظلم إن أوجد وأقدر وخيّر، وظاهر أنّ كلّ ما في علمه تعالى ليس مستحقّاً للوجود وممّا يتحلّى بحلية الوجود، وليس اختيار اللَّه تعالى طائفة منها للإيجاد على سبيل البخت والاتّفاق بلا حكمة في التخصيص، فالحكمة في إيجاد من علم أنّ في طبعه الظُّلَمَ المتقدّمة على الإيجاد هي الموجبة لاسم المنتقم للَّهتعالى.
گر نكردى فهم، بگذر زين مقال* * * خويش را باطل مگردان در جدال
فلنشرح أجزاء الحديث على وفق الاصول المتقدِّمة:
قوله 7: (لأهْلِ مَحَبَّتِه). [ح 2/ 396]
أي للذين لهم أهليّة أن يحبّهم اللَّه تعالى، أو هم أهلٌ أن يحبّون اللَّه. وهذا هو الأظهر بقرينة قوله 7: (ووَضَعَ عنهم ثِقْلَ العملِ) أي حالة الكسالة التي تكون للمتكلّفين، فهم يؤتون ما اتوا من العبادات على كمال الشوق والنشاط، والسرور والانبساط، لا للخوف من العذاب، أو لطمع الأجر والثواب، بل لأنّه ممّا أمرهم به محبوبهم «وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً»[1].
ثمّ من العمل الصبر على البلايا، والمحبّون يتلذّذون بمرارته، ويعدّون كلّ بلاء مائدةً من محبوبهم نازلةً عليهم، وذلك لأنّ إيراد اللَّه تعالى البلاء على المحبّين ليس ليعرف حالهم من الصبر والجزع، بل هو أذابه لأجل التصفية عن الكدورات الإمكانيّة