أقول: كثيراً ما يُطلق الجاهل على من كان مغلوباً للهوى؛ للتلازم بين الهوى والجهل. بيانه: أنّ المرء لا يُقدم على تناول ما يعلم أنّه ضارّ لا نفع فيه بوجه، أو فيه نفع ولكن ضرره أعظم من نفعه، كأكل السمّ القاتل، وأكل طعام لذيذ علم خلطه بالسمّ، ويقدم على الإتيان بالمحرّمات التي ضررها أضعاف ضرر السمّ، وما ذلك إلّالعدم العلم اليقيني بالضرر المُوعَدِ به برؤية اللَّه تعالى إيّاه في السرّ والعلانية، فمن عمل معصية فهو إنّما عملها بجهالة.
ولعلّ قائلًا يقول: إنّه يمكن العمل مع العلم إذا غلب الرجاء واستُهين الفعل في جنب كرم الجواد الغنيّ، أو دعا اللجاج وثَوَرانُ الغيظ إليه كما هو مشهور عن الوليد اللعين، وتمزيقه القرآن المجيد عند ما فتحه ورأى؛ «وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ»[4]، والشعرُ الذي أنشده ذلك اللعين في هذا الباب مشهور.
وجوابه: أنّ هذين أيضاً جاهلان؛ أمّا الراجي، فإنّه جاهل؛ لأنّ المعصية وإن كانت