المهاجرين والأنصار
، قاتلوا على بصيرة من ربكم وثبات من دينكم ، وكأني بكم غداً قد لقيتم أهل الشام
كحمر مستنفرة ، فرت من قسورة لا تدري أين يسلك بها من فجاج الأرض ، باعوا الآخرة
بالدنيا واشتروا الضلالة بالهدى وباعوا البصيرة بالعمى وعما قليل يصبحن نادمين حتى
تحل بهم الندامة ، فيطلبون الإقالة ! انه والله من ضل عن الحق وقع في الباطل ومن
لم يسكن الجنة نزل النار.
أيها الناس : ان الأكياس استقصروا عمر
الدنيا فرفضوها ، واستبطأوا مدة الآخرة ، فسعوا لها. والله أيها الناس : لولا ان
تبطل الحقوق وتعطل الحدود ويظهر الظالمون ، وتقوى كلمة الشيطان ، لما اخترنا ورود
المنايا على خفض العيش وطيبه ، فإلى أين تريدون رحمكم الله ؟ عن ابن عم رسول الله
(ص) وزوج ابنته وأبي ابنيه ، خلق من طينته ، وتفرع من نبعته وخصه بسره ، وجعله باب
مدينته ، وأعلم بحبه المسلمين ، وأبان ببغضه المنافقين ، فلم يزل كذلك يؤيده الله
عز وجل بمعونته ، ويمضي على سنن استقامته ، لا يعرج لراحة اللذات ، وهو مفلق الهام
ومكسر الأصنام إذ صلى والناس مشركون وأطاع والناس مرتابون ، فلم يزل كذلك حتى قتل
مبارزي بدر ، وأفنى أهل أحد ، وفرق جمع هوازن ، فيا لها من وقائع زرعت في قلوب قوم
نفاقاً وردة وشقاقاً ، وقد اجتهدت في القول وبالغت في النصيحة وبالله التوفيق وعليكم
السلام ورحمة الله وبركاته فقال معاوية : يا أم الخير ما اردت بهذا إلا قتلي ؛
والله لو قتلتك ما حرجت في ذلك ؟ قالت : والله ما يسوءني يا ابن هند ان يجري الله
ذلك على يد من يسعدني الله بشقائه.