قالت : يا أمير المؤمنين انه قد مات
الرأس ، وبتر الذنب ، والدهر ذو غير ومن تفكر أبصر والأمر يحدث بعده الأمر.
قال لها : صدقت ، فهل تحفظين كلامك يوم
صفين ؟ فقالت : ما أحفظه. قال : ولكنني أحفظه لله أبوك لقد سمعتك تقولين : « أيها
الناس أنكم في فتنة غشتكم جلابيب الظلم وجارت بكم عن المحجة فيالها من فتنة عمياء
صماء تسمع لنا عقها ، ولا تسلس لقائدها ، ان المصباح لا يضيء في الشمس ، وأن
الكواكب لا تنير مع القمر ، وأن البغل لا يسبق الفرس ، وأن الزف لا يوازن الحجر
ولا يقطع الحديد إلا الحديد.
إلا من استرشدنا أرشدناه ، ومن استخبرنا
أخبرناه ، إن الحق كان يطلب ضالته فأصابها.
فصبراً يا معشر المهاجرين والأنصار ،
فكأن قد اندمل شعب الشتات ، والتأمت كلمة العدل ، وغلب الحق باطله ، فلا يعجلن أحد
فيقول كيف العدل وأنّى ؟ ليقضي الله أمراً كان مفعولاً.
« إلا أن خضاب النساء الحناء ، وخضاب
الرجال الدماء والصبر خير عواقب الأمور. أيهاً إلى الحرب قدماً غير ناكصين ولا
متشاكسين فهذا يوم له ما بعده.
ثم قال معاوية : والله يا زرقاء لقد
شركت علياً في كل دم سفكه فقالت : أحسن الله بشارتك يا أمير ، وأدام سلامتك مثلك
من بشر بخير وسر جليسه.