مشاعر الناس
ببلاغتها وصمودها وجهادها ، فهيجت فيهم شعوراً لاذعاً ممضاً بالحسرة والندم تارة ،
وبالخزي والعار طوراً.
توافد الناس على عقيلة بني هاشم ، فكانت
تتكلم لتجلي الضباب عن البصائر ، ويبقى كلامها يدوي في آذانهم ليخترق الضمائر
مذكراً بالجريمة النكراء ، والفعلة الشنعاء قتل الحسين وأهل بيته وأصحابه الأبرياء.
يتكهرب جو المدينة ... ويلتهب ... تلهبة
الثائرة المطالبة بدم الشهداء الأبرار.
تلهبه شعلة الثائر وعنوان البطولة ، التي
كانت المعول الأول في هدم عرش بني امية وأمثالهم من الطغاة المستبدين.
« زينب » تلك التي أعطت البشرية درساً
في الصمود ، والإباء والشرف ، والوقوف بوجه الجور والتعسف والطغيان تتناقله
الأجيال.
يمضي الوالي عمرو بن سعيد الأموي ،
فيرسل الى يزيد أن أهل المدينة في هياج. ثم يقول : « إن كان لك بالمدينة شغل فأخرج
بنت علي منها فإنها ألَّلبت الناس عليك ».
ويأتي الفصل الأخير من حياة المجاهدة
البطلة ، عندما يطلب منها الوالي عمرو بن سعيد الأموي ، مغادرة المدينة ، بل
الحجاز.
فتجيب عليهاالسلام
قائلة : ويلكم أمن حرم جدنا تخرجوني ؟ ... لك الويل يا ابن سعيد ... الله أعلم بما
صارت إليه حالنا بعد سيد الشهداء ...
صبرنا على قتل خيرنا ... وحملنا على
الأقتاب ، وساقونا كما تساق الأنعام ، فلست بخارجة من مدينة جدي ... فافعل ما أنت
فاعل.