أمامي ، ولا أرجع
ورائي ، حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي ، فبلغوا أعلى مكة ، ورجعوا إليها وأنا واقف
في مكاني ذلك ثم انصرف عني.
وانصرفت راجعاً إلى أهلي ، حتى أتيت
خديجة ، فجلست إليها مضيفاً [١].
فقالت يا أبا القاسم : أين كنت ! فو الله لقد بعثت رسلي في طلبك حتى بلغوا مكة ،
ورجعوا إلي فحدثتها بالذي رأيت ، فقالت أبشر ، واثبت فوالذي نفس خديجة بيده إني
لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة [٢].
وآمنت خديجة ، وصدقت بما جاءه من الله
عز وجل ، وآزرته على أمره فكانت أول من آمن بالله ورسوله.
أجل لقد كانت ساعده الأقوى ، مشجعة إياه
على القيام بأعباء النبوة العظيمة ، فخفف الله بذلك عن نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكان لا يسمع شيئاً يكرهه من
المشركين ، من ردٍ عليه وتكذيب له ، فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بها ، إذا رجع
إليها وجدها العطوف الحنون.
[١] مضيفاً معناه
ملتصقاً : يقال اضفت الى الرجل ، اذا ملت نحوه ولصقت به ـ ومنه سمي الضيف ضيفاً.
[٢] طبقات ابن سعد
الكبرى ـ الكامل في التاريخ لابن الأثير والسيرة النبوية لابن هشام ـ أعلام النساء
ـ عمر رضا كحالة.