نام کتاب : موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام نویسنده : القرشي، الشيخ باقر شريف جلد : 1 صفحه : 66
٢ ـ وصف ضرار للإمام :
طلب معاوية من ضرار أن يصف له الإمام لأنّه كان من أخلص أحبّائه ، فامتنع ضرار خوفا من معاوية إلاّ أنّه أصرّ عليه ، فقال له :
كان والله! بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلا ، ويحكم عدلا ، يتفجّر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة من لسانه ، يستوحش من الدنيا وزخرفها ، ويستأنس بالليل ووحشته ، وكان غزير الدمعة ، طويل الفكرة ، يعجبه من اللباس ما خشن ، ومن الطعام ما جشب ، وكان فينا كأحدنا ، يجيبنا إذا سألناه ، وينبئنا إذا استنبأناه ، ونحن ـ والله! ـ مع تقرّبه لنا وقربه منّا لا نكاد نكلّمه هيبة له ، يعظّم أهل الدين ، ويقرّب المساكين ، لا يطمع القويّ في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله ، وإنّي أشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه ـ وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه ـ قابضا على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين وهو يقول :
« يا دنيا غرّي غيري ، إليّ تعرّضت أم إليّ تشوّقت؟ هيهات هيهات ، قد باينتك ثلاثا [١] لا رجعة فيها ، فعمرك قصير ، وخطرك كبير ، وعيشك حقير ، آه! من قلّة الزّاد ، وبعد السّفر ، ووحشة الطّريق ».
وأثرت هذه الكلمات في نفس معاوية ، فقال : رحم الله أبا الحسن كان والله كذلك ... [٢].
وحكت هذه الكلمات بعض الصفات الروحية التي تميّز بها الإمام أمير المؤمنين 7 والتي هي مبعث إعجاب وإكبار حتى عند ألدّ أعدائه وخصومه.