أصحابُهُ مثل الصقور ، كواسرٌ
عند اللقاء وكلهم إخوانُ
قالت هل استعلمتَ عن نيَّاتِهمْ
وثباتِهم إنْ جالت الفُرسانُ
فلعلَّهمْ قد يُسلموكَ إلى الردى
بالخوفِ أو يُغريهِمُ السلطانُ [١]
فأجابَها إني اختبرتُ ثباتَهم
فوجدتُهُم وكأنَّهمْ عُقبانُ
يستأنسونَ إذا المنيةُ أقبلتْ
والحربُ إن صَرَّتْ لها أسنانُ
كالطفلِ يأنسُ في محالبِ أمّه
ويضُمُهُ عندَ البُكاءِ حنانُ
وبكتْ حناناً والدموعُ تَسيلُ من
جفنٍ به تتوقدُ الأحزانُ
قال الحسينُ وقد تهدّجَ صوتُه
لا تحزني فلنا الجنانُ أمانُ
أُختاهُ إنَّ الصبرَ خيرُ وسيلةٍ
لا يَذهبَنَّ بحلمِكِ الشيطانُ
ومضت من الليلِ المُعذّبِ فترةٌ
سوداءَ لم تَغفُ بها الأجفانُ [٢]
لكن أبيُّ الضيمِ مالَ لغفوةٍ
أذكت جواهُ ، وطرفُهُ وسِنانُ
وصحا فقالَ : رأيتُ كلباً أبقعاً
قُربي يلوحُ بوجهِهِ الكُفرانُ
أنيابُهُ حمراء تَنهشُ مهجتي
ويبينُ في قسماتِهِ الخزيانُ
ثم استعدوا للردى فتحنّطوا
والكلُّ منهُم ضاحكٌ جذلانُ
والطيبُ راحَ يُشمُّ مِنْ أجسادهم
طيباً به يستأنسُ الغُفرانُ [٣]
[١] لا نعرف سبباً لجزم ( يسلموك ).
[٢] جاءت ( تغفُ بها ) على ( مفتعلن ) في حشو البيت وهي من العيوب العروضية الواضحة.
[٣] كربلاء ( ملحمة ) للعسيلي : ص ٢٩٩ ـ ٣٠١.