ومن الواضح أن نجد الحسين عليهالسلام في هذه الليلة ـ استعداداً للمواجهة ـ أن
يوصي أصحابه بذلك ويرغبهم في احتمال المكاره قائلاً لهم : فإن كنتُم قد وطأتم
أنفسكم علىٰ قد وطّأتُ عليه نفسي ، فاعلمُوا أن الله إنما يَهبُ المنازلَ
الشريفةَ لعبادة باحتمال المكاره ، وإن الله وإن كان قد خَصَّني مع مَنْ مضىٰ
من أهلي الذين أنا آخِرهُم بَقاءً في الدُنيا من الكرامات ، بما سَهّل معها علىٰ
احتمال الكريهات ، فإنَّ لكم شطرَ ذلك من كرامات الله ، واعلموا أن الدُنيا حُلوها
مرٌ ، ومرُّها حُلوٌ ، والانتباه في الاخرة ، والفائزُ من فاز فيها والشقي من يشقىٰ
فيها [٢].
الأمر الذي أثَّر في نفُوسهم وزاد في
تَحمُّلهم ، حتىٰ أوقفهم علىٰ غامض القضاء ، وكَشف عن أبصارهم فرأوا
منازلهم من الجنة وما حباهُم الله تعالىٰ من النعيم.
كما أوصاهم عليهالسلام بهذا أيضاً ونحوه بعد ما صلَّىٰ
بهم الغداةً قائلاً لهم : إن الله تعالىٰ أذنَ في قتلكم وقتلي في هذا اليوم
، فعليكم بالصبر والقتال [٣].
وكذلك لما رآهم وقد تناوشتهم السيوف وقف
عليهالسلام قائلاً لهم
: صَبراً يا بَني عُمومتي صبراً يا أهل بيتي ، لا رأيتُم هَواناً بعد هذا اليوم
أبداً [٤].
وكذا يوصي غلاماً له وقد قُطعت يده ،
فضَمّهُ إليه قائلاً له : يا بن أخي اصبر