وناهيك تعجب ملائكة السماء من صبره كما
جاء في الزيارة : وقد عجبت من صبرك ملائكةُ السموات [٢].
وكان يقول عليهالسلام
في أوقاتِ الشدة يوم عاشواء وهو متشحّط بدمه : صَبراً علىٰ قضائك يا رب لا
إلهَ سِواكَ ، يا غِياثَ المستغيثين [٣]
ما لي ربٌّ سواك ولا معبود غيرك صبراً علىٰ حكمك [٤] وناهيك عن موقفه المرير وهو يُشاهد
مقتلَ رضيعه الصغير وهو يقول : اللهم صبراً واحتساباً فيك [٥].
وكيف لا يكونُ صابراً محتسباً وهو من
الذين عناهم الله تعالىٰ في قوله : (وَجَعَلْنَا
مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا)[٦] وقوله : (وَجَزَاهُم
بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا)[٧].
فالحسين عليهالسلام
شخصيةٌ منفردةٌ بجميع صفات الكمال ، وتجسدت فيه كلُ صور الأخلاق ، وقد أراد عليهالسلام أن يضفي من كماله علىٰ أصحابه وأهل
بيته بوصاياه لهم بالصبر الجميل ، وتوطين النفس ، واحتمال المكاره ، ليستعينوا
بذلك في تحمُّل الأعباء ومكابدة الآلام ، وليحوزوا علىٰ منازل الصابرين وما
أعَد اللهُ لهم.