نام کتاب : ليلة عاشوراء في الحديث والأدب نویسنده : الشيخ عبد الله الحسن جلد : 1 صفحه : 120
د ـ الإستبشار بالشهادة
ليس من المُعتاد أن يفرح الإنسان ويبتهج
وهو يعلم بدنو أجله وانقطاع حبل حياته من الدنيا ، فتراه إذا ما علم بدنو أجله ،
اعتراه الخوف والوجل والاضطراب ، ولربما مات بسبب خوفه من الموت ، إذ أن كل إنسان
يحب الحياة والبقاءَ ويتشاءم من الموت.
ولعلك تعجب إذا ما سمعت بأن أصحاب هذه
الليلة باتوا ليلتهم وهم أشدُ الناس فرحاً ، وأبهجهم حالةً ، وأربطهم جأشاً ،
مستبشرين بما أقدموا عليه وبما يصيرون إليه وقد أخذ يداعبُ بعضهم بعضاً ، مع علمهم
بدنو آجالهم ، وأن أجسادهم سوف تصبح عن قريب طعمةً للسيوف ونهبةً للأسنة. ومرمىً
للسهام.
ولعله لم تمر عليهم ليلةٌ بأسعد منها ،
حتى بدت علىٰ وجوههم الطلاقة والإشراق والطمأنينة لا يستشعرون بخوف ولا وجل
، وذلك أنهم وجدوا أنفسهم يؤدون وظائفهم الشرعية تجاه سبط الرسول صلىاللهعليهوآله ، إذ سوف يحوزون علىٰ أعظم وأقدس
شهادة عرفها تاريخ البشرية ، ثم ذلك النعيمُ الدائم الذي لا اضمحلال فيه ، فأصبحوا
مصداقاً لقوله تعالى : (إِنَّ
الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا
هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَٰئِكَ
أَصْحَابُ الجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[١].