نام کتاب : ليلة عاشوراء في الحديث والأدب نویسنده : الشيخ عبد الله الحسن جلد : 1 صفحه : 114
ج ـ الرضا والتسليم لله تعالىٰ.
وهو : ترك الاعتراض والسخط باطناً
وظاهراً ، وَقولاً وَفعلاً ، وهو : من ثمراتِ المحبة ولوازمها ، إذ المُحب
يَستحسنُ كُلمَا يصدر عن محبوبه ، وصاحبُ الرضا يستوي عندَهُ الفقرُ والغنىٰ
، والراحةُ والعناء ، والعزُ والذل ، والصحةُ والمرض ، والموتُ والحياة ، ولا
يُرجحُ بعضَها على بعض ، ولا يثقلُ شيءُ منها علىٰ طَبعه ، إذ يرىٰ
صُدورَ الكل من الله سبحانه ، وقد رسخ حُبه في قلبه ، بحيث يُحب افعالَه ، ويَرجُح
علىٰ مُراده مُرادُه تعالىٰ ، فيرضىٰ لكل ما يكون ويرد.
وروي : أن واحداً من أرباب الرضا عمَّر
سبعين سنةً ، ولم يَقل في هذه المُدة لشيءٍ كان : ليتَهُ لم يكن ، ولا لشيء لم يكن
: ليته كان.
وقيل لبعضهم : ما وجَدتَ من آثار الرضا
في نفسك ؟
فقال : ما فيَّ رائحةٌ من الرضا ! ومع
ذلك لو جعلني اللهُ جسراً علىٰ جهنَّم ، وعبرَ عليه الأولون والآخرون من
الخلائق ودخلوا الجنة ، ثم يلقوني في النار ، وملأ بي جهنَّم ، لأحببت ذلك من حُكمه
، ورضيتُ به من قسمه ، ولم يختلج ببالي أنه لِمَ كان كذا ، وليت لم يكن كذا ،
ولِمَ هذا حظي وذاك حظهم.
وصاحبُ الرضا أبداً في رَوحٍ وراحةٍ ،
وسُرورٍ وبهجةٍ ، لأنهُ يشاهدُ كلَ شيءٍ بعين الرضا ، وينظرُ في كلِ شيء إلىٰ
نور الرحمة الإلهية ، وسر الحكمة الأزلية ، فكأن كلَ شيء حصل علىٰ وفق
مُراده وهواه.