عاش الإمام السجاد عليهالسلام ، فترة نشاطه إماما للشيعة ، من سنة (
٦١ ـ ٩٥ ) مدّة الثلث الأخير من القرن الأول.
والقرن الأول
بالذات هو فترة المنع الحكومي من رواية الحديث ونقله وكتابته وتدوينه ، قبل أن
يرفع هذا المنع بقرار من قبل الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز.
وكانت عملية منع الحديث ـ تدوينا ورواية
ـ بدأت بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
مباشرة ، واستمرّ عليها الحكّام الذين تسنّموا أرائك الخلافة بدءا بأبي بكر ، ثم
عمر الذي كان أكثر تشديدا ونكيرا على من كتب شيئا من الحديث أو نقله ورواه ، بحيث
استعمل كل أساليب القمع من أجل الوقوف دون تسرّب شيء منه ، فحبس جمعا من الصحابة
من أجل روايتهم الحديث ، وهدّد آخرين بالضرب والنفي ، وأحرق مجموعة من الكتب التي
جمعت حديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
والتزم الحكّام من بعد عمر ، سنّة عمر
وسياسته في منع تدوين الحديث وروايته ، وقد أعلن عثمان ومعاوية عن اتّباعهما لعمر
في منع الحديث النبوي « إلاّ
حديثا كان على عهد عمر » [١].
وقد ظلّت سياسة عمر بمنع الحديث سارية
المفعول ، حتى بلغ الأمر الى أن الحجّاج الثقفي ـ سفّاك العراق ـ قام بالاعتداء
على كبار صحابة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
، فختم على أيديهم وأعناقهم ، حذرا من أن يحدّثوا الناس ، أو يسمع الناس حديثهم [٢].
فلم يكن القيام بأمر رواية الحديث في
مثل هذه الفترة بالذات ، وفي مثل هذه الاجواء أمرا سهلا ، ولا هيّنا.
ولقد قاوم أئمة أهل البيت عليهمالسلام وأتباعهم هذه السياسة المخرّبة ضدّ
أهمّ مصادر الفكر الإسلامي ، فكانوا الى جانب كتابتهم للحديث ، وإيداعه المؤلّفات
يبادرون
[١] لقد تحدثنا عن
منع الخلفاء من كتابة الحديث وتدوينه ، ومن نقله وروايته ، بتفصيل في كتابنا (
تدوين السنة الشريفة ) المطبوع في قم سنة ١٤١٣ هـ.
[٢] اُسد الغاية ،
لابن الأثير ( ٢ : ٤٧٢ ) ترجمة سهل الساعدي.