منها : التصدّي للذين يبلّغون رسالات
الله ، بالضغط ، والأسر ، والتشريد والحبس ، وحتى القتل.
ومنها : تزييف
الأديان وتحريفها بالبدع والخرافات ، وبثّ التعاليم الباطلة ، والعمل من أجل
ترويجها.
ومنها : منع تثقيف الناس ، حذرا من
تنبّههم الى ما هم عليه من خلل ونقص في الحياة المادّية ، وما هم فيه من ذلّ
ومهانة في الحياة المعنوية.
ومنها : محاولة استيعاب أجهزة التعليم ،
بوضع المناهج التعليمية المشبوهة والمحرّفة.
وهكذا تضييع جهود القائمين على التعاليم
، بشراء الضمائر ، وغسل الأدمغة والعقول ، وتفريغها من الرؤى الصائبة ، وملئها
بالأفكار الفاسدة والمنحرفة.
وقد استعمل معاوية هذا الأسلوب بكل جرأة
لما استولى على أريكة الخلافة ، فعمّم كتابا على أقطار نفوذه ، يأمر فيه الولاة
بوضع الأحاديث والروايات واختلاقها ، وبثّها بين الناس في المدارس والمساجد
والكتاتيب والبيوت ، ليربّي جيلا ناشئا مشبّعا بتلك التعاليم المزوّرة في صالح
الأمويين ، والتي تعارض التعاليم الإسلامية الأصيلة [١].
فوجود المعلّمين المناهضين لتلك الخطط
الهدّامة ، وتلك المناهج التعليمية الفاسدة ، يكون صدّا سياسيا للأنظمة الحاكمة ،
ويكون عملهم جهادا ونضالا سياسيا ، بلا ريب.
وإنّ الحكومات الفاسدة ، من أجل تنفيذ
خططها في تحريف الدين وإغواء الناس وإبعادهم عن العلماء المصلحين ، اصطنعت من
علماء السوء رجالا مقنّعين بالعلم ، ملجمين بلباس الدين ، من العملاء بائعي
الضمائر ، ليكونوا وسائل لإقناع العامة بما تمليه الدولة عليهم من أحكام باطلة ،
وقضايا منافية للحقّ ، وليصحّحوا للدول الظالمة تصرّفاتها الجائرة.
__________________
(١) لاحظ شرح نهج البلاغة
لابن أبي الحديد ( ١١ : ٤٤ ـ ٤٦ ) والاحتجاج للطبرسي (ص ٢٩٥) ولاحظ كتابنا « تدوين
السنة الشريفة » (ص ٤٧٥).