الأمويّين إنّما
حصلوا على مواقع السلطة من خلال ربط أنفسهم بالإسلام ، فكسبوا لأنفسهم قدسيّة
الخلافة!
وكان لجهل
الناس الأثر الكبير في وصول الأمر الى هذه الحالة ، أن يروا ابن الأسلام أسيرا
أمامهم!
ثمّ إنّ جهل أهل الشام بأهل البيت ،
مضافا الى حقد الحكّام على أهل البيت عامّة ، وعلى الذين كانوا مع الحسين عليهالسلام في كربلاء خاصة ، كان يدعوا الى
الاحتياط ، والحذر من أن ينقضّ يزيد على الأسرى! في ما لو أحسّ بخطرهم ، فيبيدهم!
فكان ما قام به الإمام من تأطير خطبته
بالإطار الشخصي مانعا من إثارة غضبه وحقده ، لكن لم يفت الإمام اقتناص الفرصة
السانحة لكي يبثّ من خلال التعريف ، بشخصه وهويته ، التنويه بشخصيته وبقضيته
وبهمومه ، ولو بالكناية التي كانت ـ حقا ـ أبلغ من التصريح.
فلذلك لم يتعرّض الإمام عليهالسلام لذكر مساويء الاُمويّين ، ولم يذكر
شيئا من فضائحهم ، بالرغم من « توقّع يزيد » نفسه لذلك.
وبذلك نجا من
شرّ يزيد ، وبقي ليداوم اتّباع الهدف الذي من أجله قتل الشهداء بالأمس ، وأصبح ـ
هو ـ يقود مسيرة الأحياء ، اليوم ، وغدا ...
وموقف
آخر: في وسط ذلك الجوّ الخانق ، وفي عاصمة
الحاكم المنتصر ، وفي حالة الأسر ، يرفع الإمام صوته ، ليسمع الآذان التي أصمّها
الضوضاء والصخب ، في ما رواه المنهال بن عمرو ، قال : دخلت على علي بن الحسين ،
فقلت : كيف اصبحت ، أصلحك الله؟!
فقال
: ما كنت أرى شيخا من أهل المصر ـ مثلك ـ لا يدري : كيف أصبحنا!؟
قال
: فأمّا إذا لم تدر ـ أو تعلم ـ فأنا أخبرك :
أصبحنا
ـ في قومنا ـ بمنزلة بني أسرائيل في آل فرعون ، إذ كانوا ( يُذَبِّحُونَ
أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ ).
وأصبحنا
: شيخنا وسيّدنا يتقرّب الى عدوّنا بشتمه ، وبسبّه ، على المنابر